للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: «ويحك قطعتَ عُنقَ صاحبك» يقوله مرارًا، الحديث متفق عليه. وعن المقداد أن رجلًا جعل يمدح عثمان - رضي الله عنه - فعمد المقداد فجثا على ركبتيه فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال عثمان: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم المداحين فأحثوا في وجوههم التراب» رواه مسلم، وقال في «الفروع»: ويتوجه الجواز في مدح المصيب والكراهة في عيب غيره، قال: ويتوجه في شيخ العلم وغيره مدح المصيب من الطلبة وعَيب غيره كذلك، قال في «الإنصاف»: قلت: إن كان مدحه يفضي إلى تعاظم الممدوح أو كسر قلب غيره قوي التحريم وإن كان فيه تحريض على الاشتغال ونحوه قوي الاستحباب. اهـ.

قال النووي بعد إيرداه لأحاديث النهي عن المدح، وجاء أحاديث كثيرة في الإباحة صحيحة، قال العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال إن كان الممدوح عنده كمال إيمان ويقين ورياضة نفس ومعرفة تامة بحيث لا يفتتن ولا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شيء من هذه الأمور كره مدحه في وجهه كراهة شديدة وعلى هذا التفصيل تنزل الأحاديث المختلفة في ذلك. ومما جاء في الإباحة قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: «أرجو أن تكون منهم» أي من الذين يدعون من جميع أبواب الجنة لدخولها، وفي الحديث الآخر: «لست منهم» أي لست من الذين يسبلون أزرهم خيلاء، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه -: «ما رآك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك» اهـ.

ويمنع كل من الكلام الذي يغيظ صاحبه كأن يرتجز ويفتخر ويتبجح بالإصابة أو يعنف صاحبه على الخطأ ويظهر أنه يعلمه، وكذا حاضر معهما يمنع من ذلك، ومن قال لآخر: إرم عشرة أسهم؛ فإن كان صوابك فيها أكثر من خطئك فلك درهم، صح؛ لأنه جعل الجعل في مقابلة إصابة معلومة؛ فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>