للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اللفظ، فإذا أطلقت الإعارة أو جهل العوض فإجارة فاسدة، وفي «التلخيص»: لو أعاره عبده أو نحوه على أن يعيره الآخر فرسه أو نحوه ففعلا فإجارة فاسدة لا تضمن للجهالة؛ لأنهما لم يذكرا مدة معلومة ولا عملًا معلومًا، قال الحارثي: وكذلك لو قال أعرتك هذه الدابة لتعليفها أو هذا العبد لتمونه وإن عينا المدة والمنفعة صحت إجارة لما تقدم.

فائدة: قال المرودي: قلت لأبي عبد الله: رجل سقط منه ورقة فيها أحاديث وفوائد فأخذتها فترى أن أنسخها وأسمعها؟ قال: لا، إلا بإذن صاحبها.

وتصح إعارة نقد من ذهب أو فضة وكمكيل وموزون؛ فإن استعار النقد لينفقه أو أطلق أو استعار المكيل أو الموزون ليأكله وأطلق فقرض؛ لأن هذا معنى القرض وهو مغلب على اللفظ ولا تكون استعارة النقد لما يستعمل فيه مع بقائه قرضًا، بل عارية كما لو استعار النقد للوزن أو ليرهنه أو يعاير عليه؛ فإنها تصح كالإجارة لذلك، وكذا المكيل والموزون.

والشرط الرابع: كون نفع عين مباحًا لمستعير؛ لأن الإعارة إنما تبيح له ما أباحه له الشارع، فلا يصح أن يستعير إناء من النقدين الذهب والفضة ليشرب فيه لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب في إناء الذهب والفضة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم»، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في آنية الذهب والفضة: «ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة»، ولا يصح أن يستعير حليًا محرمًا على رجل ليلبسه الرجل أو ثياب أنثى ليلبسها الرجل أو بالعكس لتحريم التشبه، ولا خاتم ذهب لرجل لتحريم لبسه على الرجل ولا أمة ليطأها حيث صحت الإستعارة من أجله، ولو لم يصح الاعتياض عن النفع المباح كإعادة كلب لصيد أو ماشية وفحل لضراب؛ لأن نفع ذلك مباح ولا محظور في إعارتهما، والمنهي عنه هو العوض المأخوذ في ذلك، ولذلك امتنعت

<<  <  ج: ص:  >  >>