للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوديعة شرعًا: المال المدفوع إلى من يحفظه، وسميت وديعة بالهاء؛ لأنهم ذهبوا بها إلى الأمانة، انتهى.

ثم محاسن الوديعة ظاهرة إذ فيها إعانة عباد الله تعالى في حفظ أموالهم ووفاء الأمانة، وهو من أشرف الخصال عقلاً وشرعًا، قال -عليه الصلا ة والسلام-: «الأمانة تجر الغنى، والخيانة تجر الفقر»، وفي المثل: الأمانة أقامة الملوك مقام الملوك، والخيانة أقامت الملوك مقام المملوك، ومن محاسن الوديعة: أنها إحسان إلى عباد الله، والله يحب المحسنين، وأنها سبب التآلف بين المسلمين ومحبة بعضهم بعضًا ومعاونة بعضهم بعضًا.

وأما الأصل فيها فهو الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقال الله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.

وأما السنة: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان عنده ودائع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وأمر عليًا أن يردها على أهلها.

وروى البيهقي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال وهو يخطب للناس: «لا يعجبنكم من الرجل طنطنته؛ ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل» ولقد كان سفيان الثوري - رحمه الله - كثيرًا ما ينشد قوله:

إني وجدت فلا تظنوا غيره … إن التورع عند هذا الدرهم

فإذا قدرت عليه ثم تركته … فاعلم بأن تقاك تقوى المسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>