للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصح شرط ضمانها ولا يضمنها الوديع.

ولا يضر نقل الوديعة من حرز مثلها لتحرز مثله ولو نقلها إلى حرز دون الأول؛ لأن صاحبها رد حفظها إلى رأيه واجتهاده وأذن له في إحرازها بما شاء من إحراز مثلها؛ ولهذا لو تركها في الثاني أولاً لم يضمنها فكذلك إذا نقلها إليه.

فإن عين الحرز رب الوديعة بأن قال: أحفظها بهذا البيت أو الدكان فأحرزها بدون المعين رتبة في الحفظ ولو أنه حرز مثلها فضاعت ضمن؛ لأنه خالف المالك في حفظ ماله، ولأن بيوت الدار تختلف فمنها ما هو سهل فتقه، ومنها ما يصعب نقبه فيضمنها بوضعها في غيره ولو ردها للحرز المعين بعد ذلك، وتلفت فيه فيضمنها لتعديه بوضعها في الدون فلا تعود أمانة إلا بعقد جديد، وقيل: إن ردها إلى حرزها الذي عينه له فتلفت لم يضمن، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وإن أحرز الوديعة بحرز مثل الذي عينه صاحبها في الحفظ أو أحرزها بحرز فوقه لم يضمن ولو أخرجها لغير حاجة؛ لأن تعيينه الحرز أذن فيما هو مثله كمن اكترى أرضًا لزرع حنطة فله زرعها وزرع مثلها في الضرر واقتضاء الإذن فيما هو أحفظ من باب أولى كزرع ما هو دون الحنطة أو زادها إقفالاً لم يضمن؛ لأنه زاده خيرًا، وكذلك لو قال: ضعها في الشنطة أو في الدولاب فوضعها في التجوري؛ لأنه زاده خيرًا.

ولو نهاه عن إحراز بمثل المعين أو فوقه أو عن نقلها مما عين له أو عن زيادة الإقفال وفعل لا يضمن؛ لأنه لا يعد مفرطًا ولو تلفت الوديعة بسبب نقل كانهدام محل نقلت إليه.

ولو كانت العين في بيت صاحبها، فقال الآخر: واحفظها ببيتي موضعها ولا تنقلها فنقلها من موضعها لا لخوف عليها ضمنها؛ لأنه ليس بوديع، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>