للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويملك بإحياء ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه كالبعيد عنه؛ لعموم ما سبق من انتفاء المانع وهو التعلق بمصالح العامة وللإمام إقطاع ذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث العقيق وهو يعلم أنه من عامر المدينة، ولأنه موات لم تتعلق به مصلحة العامر فجاز إحياؤه كالبعيد.

ولا يملك بإحياء مكان غار ماؤه من الجزائر والرفاق مما لم يكن مملوكًا والرقاق بفتح الراء أرض لينة سهلة، قال ابن إبراهيم بن عمران الأنصاري:

رقاقها حزم وجريها خدم … ولحمها زيم والبطن مقبوب

يريد أنها إذا عدت أضرم الرقاق وثار غباره كما تضطرم النار فيثور عثانها، وقيل: الرقاق رمال يتصل بعضها ببعض، قال أحمد في رواية العباس بن موسى: إذا نضبت الماء عن جزيرة إلى فناء رجل لم يبن فيها؛ لأن فيه ضررًا، وهو أن الماء يرجع إلى ذلك المكان فإذا وجده مبنيًا رجع إلى الجانب الآخر فأضر بأهله، ولأن الجزائر منبت الحطب والكلأ فجرت مجرى العادة الظاهرة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حمى في الأراك»، وما روي عن عمر أنا أباح الجزائر أي ما نبت فيها، وقيل: ما نضب عنه الماء من الجزائر والرقاق مما لم يكن مملوكًا فلكل أحد إحياؤه كموات، قال الحارثي: مع عدم الضرر، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ولا يملك بإحياء ما غمره الماء من مكان مملوك بأن غلب عليه الماء ثم نضب عنه، بل هو باق على ملك ملاكه قبل غلبة الماء عليه فلهم أخذه لعدم زوال ملكهم عنه وإن كان ما نضب عنه الماء لا ينتفع به أحد فعمره إنسان عمارة لا ترد الماء مثل أن يجعله مزرعة فهو أحق به من غيره؛ لأنه متحجر لما ليس فيه حق فأشبه المتحجر في الموات.

<<  <  ج: ص:  >  >>