وثمرة وغيرها للجهة المعينة تقربًا إلى الله تعالى بأن ينوي بها القربة.
وهذا الحد لصاحب المطلع وتبعه عليه في «التنقيح»، و «المنتهى»، و «الإقناع»، وتبعهم المصنف، واستظهر شارح «المنتهى» أن قوله تقريبًا إلى الله تعالى إنما يحتاج إلى ذكره في حد الوقف الذي يترتب عليه الثواب لا غير ذلك، فإن الإنسان قد يقف ملكه على غيره توددًا لا لأجل القربة ويكون وقفًا لازمًا.
ومن الناس من يقف عقاره على ولده خشية على بيعه له بعد موته وإتلاف ثمنه واحتياجه إلى غيره من غير أن تخطر القربة بباله ومنهم من يستدين حتى يستغرق الدين ماله وهو مما يصح وقفه فيخشى أن يحجر عليه ويباع ماله في الدين فيقفه ليفوت على رب المال ويكون وقفًا لازمًا لكونه قبل الحجر عليه مطلق التصرف في ماله لكنه أثم بذلك، ومنهم من يقف على ما لا يقع عليه غالبًا إلا قربة كالمساكين والمساجد قاصدًا بذلك الرياء، فإنه يلزم ولا يثاب عليه؛ لأنه لم يبتغ به وجه الله تعالى ففقد الشرط المعتبر.
ولا يصح الوقف من نحو مكاتب ولا سفيه ولا وقف كلب لم يعلم ولا الخمر ولا نحو المطعوم والمشروب إلا الماء، ويأتي - إن شاء الله تعالى -، فالوقف سُّنة؛ لقوله تعالى:{وَافْعَلُوا الخَيْرَ}؛ ولفعله - عليه الصلاة والسلام - وفعل أصحابه.
وأركان الوقف: واقف، ووقف، وموقوف عليه، وما ينعقد به من الصيغ القولية أو الفعلية، فيصح الوقف بإشارة من أخرس مفهمة؛ لأنها قائمة مقام القول من الناطق.
ويصح الوقف بفعل مع شيء دال على الوقف عرفًا كما يحصل بذلك القول؛ لاشتراكهما في الدلالة عليه كبناء هيئة مسجد مع إذن عام في الصلاة فيه ولو بأذان وإقامة فيما بناه على هيئة المسجد بنفسه أو بمن نصبه؛ لذلك لأن الأذان والإقامة فيه كالإذن العام في الصلاة فيه.