للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج: الوقف عقد لازم بمجرد القول أو ما يدل عليه؛ لأنه تبرع يمنع البيع والهبة فلزم بمجرده كالعتق، قال في «التلخيص» وغيره: وحكمة اللزوم في الحال أخرجه مخرج الوصية أو لم يخرجه حكم به حاكم أولاً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث» قال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم وإجماع الصحابة على ذلك، ولأنه إزالة ملك يلزم بالوصية، فإذا تجرد في الحياة لزم من غير حكم كالعتق.

وقيل: لا يلزم إلا بالقبض وإخراج الوقف عن يده، اختاره ابن أبي موسى كالهبة، وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف لا يلزم بمجرده للواقف الرجوع فيه إلا أن يوصى به بعد موته فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم وحكاه بعضهم عن علي وابن مسعود وابن عباس.

وخالف أبا حنيفة صاحباه، فقال كقول سائر أهل العلم واحتج له بما روي أن عبد الله بن زيد صاحب الأذان جعل حائطه صدقة وجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء أبواه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: يا رسول الله، لم يكن لنا عيش إلا هذا الحائط، فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ماتا فورثهما، رواه المحاملي في أماليه، ولأنه إخراج ماله على وجه القربة من ملكه، فلا يلزم بمجرد القول كالصدقة.

والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس لما تقدم، وقال الحميدي: تصدق أبو بكر بداره على ولده وعمر بربعه عند المروة على ولده وعثمان برومة، وتصدق علي بأرضه ينبع وتصدق الزبير بداره بمكة وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده وتصدق سعد بداره بالمدينة، وداره بمصر على ولده وعمرو بن العاص بالوهط وداره بمكة على ولده.

وتصدق حكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده، فلذلك كله

<<  <  ج: ص:  >  >>