للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن المهدي إنما أهدى حياء.

وقيل: في هذه الحال، يجب الرد، قال ابن الجوزي: قال في «الآداب» وهو قول حسن؛ لأن المقاصد في العقود عندنا معتبرة، وكذا يجب رد صيد لمحرم؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- رد على الصعب بن جثامة هدية الحمار الوحشي، وقال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم».

ويكافئ المهدى له بأن يعطيه بدلها؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ}، وقال - سبحانه وتعالى -: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}.

لحديث عائشة - رضي الله عنها -: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها» أخرجه البخاري، والمراد بالثواب: المجازاة، وأقله ما يساوي قيمة الهدية، ولابن أبي شيبة: «ويثيب عليها ما هو خير منها».

ولأحمد وغيره: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «وهب رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة، فأثابه عليها، فقال: «رضيت؟»، قال: لا، فزاده، فقال: «رضيت؟»، قال: لا، فزاده، فقال: «رضيت؟» قال: نعم» رواه الترمذي، وبين أن العوض ست بكرات.

قال الشيخ - رحمه الله -: من العدل الواجب من له يد، أو نعمة أو يجزيه بها، ولا ترد، وإن قلت: خصوصًا الطيب للخبر.

فإن لم يجد دعا له؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: «من أتى إليكم معروفًا فكافؤه، فإن لم تجدوا ما تكافؤه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» رواه أبو داود، وحكى أحمد في رواية مثنى عن وهب، قال: ترك المكافأة من التطفيف.

وقاله مقاتل، والعرف والغالب أن الإنسان لا يهب إلا لغرض، فالهبة من الغنى والأعلى ونحوهما للأدنى أكثر ما تكون

<<  <  ج: ص:  >  >>