للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ومن يأخذها بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة» متفق عليه. وسن تعميم الأصناف الثمانية بلا تفضيل بينهم إن وجد الأصناف حيث وجبَ الإخراج وإلا عَمَّم مَن أمكن خروجًا من الخلاف وليَحصُل الإجزاء بيقين؛ فإن اقتصر على إنسان واحد أجزأ، وهذا قول حذيفة وابن عباس - رضي الله عنهم -، وبه قال سعيد بن جبير والحسن وعطاء وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي؛ لقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} الآية؛ ولحديث معاذ حين بعثه إلى اليمن فلم يذكر في الآية والحديث إلا صنف واحد، وقوله لقبيصة: «أقِم عنْدَنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، وأمر بني سلمة بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر»، ولو وجب الاستيعاب لم يجز صرفها إلى واحِد؛ ولأنه لا يجبُ تعميم كل صنف بها فجاز الاقتصار على واحد كالوصية لجماعة لا يمكن حصرهم، والآية سِيْقَتْ لِبيَان مَن يجوز الدفع إليه لا لإيجاب الصرف للجميع دليل أنه لا بجب تعميم كلَّ صنف بها، ولما فيه من الحرج والمشقة، وجاز دفعها لغريمه؛ لأنه من جملة الغارمين؛ فإن ردها عليه من دينه بلا شرط جاز له أخذه؛ لأن الغريم ملك ما أخذه الأخذ أشبه ما لو وفَّاه من مال آخر؛ لكن إن قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم تجز؛ لأنها لله تعالى فلا يصرفها إلى نفعه. قال ابن القيم -رحمه الله-: ومن الحيل الباطلة المحرمة أن يكون له على رجل مال وقد أفلس غريمه وأيس من أخذه منه وأراد أن يحسبه من الزكاة فالحيلة أن يعطيه من الزكاة بقدر ما عليه فيصير مالكًا للوفاء فيطالبه حينئذ بالوفاء؛ فإذا وفاه برئ وسقطت الزكاة عن الدافع وهذه حيلة باطلة سواء شرط عليه الوفاء أو منعه من التصرف فيما دفعها إليه أو ملكه إياه بنية أن يستوفيه من دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة ولا يعد مخرجًا لها شرعًا ولا عرفًا، كما لو أسقط دينه وحسبه من الزكاة. انتهى من «إعلام الموقعين» (٣/ ٣٢٠، ٣٢١)، وسن تفرقة صدقته في أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم كذوي أرحامه ومَن لا يرثه من نحو أخ وعم على قدر

<<  <  ج: ص:  >  >>