ولما تقَضَّوا ذلكَ التفتَ الذي … عليهم وأفَوا نذرَهم ثم تمّموا
دعاهمْ إلى البيت العتيق زَيارَةً … فيا مَرْحبًا بالزائرين وأكرمُ
فلله ما أبهَى زِيارتهم لهُ … وقد حصلتْ تلك الجوائز تقسم
ولله إفضال هناكَ ونِعَمةٌ … وبرٌّ وإحسانٌ وجودٌ ومَرْحمُ
وعادوا إلى تلكَ المنازل من منًى … وقالوا مُناهُم عِندها وتنَعّموا
أقاموا بها يَومًا ويَومًا وثالثًا … وأذٍّنَ فيهم بالرحِيل وَأعلِموا
وراحوا إلى رَمي الجمار عَشيّةً … شِعارهُم التكبير والله معهم
ولو أبْصرت عَيناكَ موقفهم بها … وقد بسطوا تلك الأكف ليُرحموا
يُنادونه يا ربِّ يا ربِّ إننَا … عبيدك لا نرجوا سِوَاكَ وتعلم
وهانحن نرجوا منك ما أنت أهله … فأنت الذي تعطي الجزيلَ وترحم
ولما تقَضوا من منى كل حاجةٍ … وسالت بهم تلكَ البطاحُ تقدموا
إلى الكعبةِ البيت الحرام عشية … وطافوا بها سبعًا وصلوا وسلموا
ولما دَنا التوديع منهم وأيقَنوا … بأن التداني حبله متَصَرِّمُ
ولمْ يَبق إلا وقفةً لمُوادِعِ … فلله أجفانٌ هناك تسَجَّم
ولله أكبادٌ هنَالِكَ أودعَ الغَرام … بها فالنار فيها تضَرّشم
وللهِ أنفَاسٌ يكادُ بحَرِّهَا … يذوب المحبُّ المستهَام المتَيَّم
فلم ترَ إلا باهِتًا متَحَيِّرًا … وآخرَ يبْدِي شَجْوَه يترَنمُ
رَحلْتُ وأشوَاقي إليكم مقيمةٌ … ونار الأسَى مِني تشبُ وتضرم
أوَدِّعكم وَالشوق يثني أعِنّي … إليكم وَقلبي في حَمَاكم مخَيم
هنَالكَ لا تثريب يومًا على امرئٍ … إذا مَا بَدَا منه الذي كانَ يُكتَمُ