للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كثير -رحمه الله-: لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم كالنساء والضعفة منهم، وقال في «فتح القدير»: قال زيد: كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال، قال قتادة: نسختها: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ} وقيل: هذا الحكم كان ثابتًا في الصلح بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، فلما زال الصلح لفتح مكة نسخ الحكم.

وقيل: خاصة في خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بينه وبينه عهد، قاله الحسن، وقال مجاهد: هي خاصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا، وقيل: هي خاصة بالنساء والصبيان، واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}.

قال البغوي -رحمه الله-: كان في ابتداء الإسلام أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالكف عن قتال المشركين، ثم لما هاجروا إلى المدينة، أمره قتال من قاتله منهم بهذه الآية، وقال الربيع بن أنس: هذه أول آية نزلت في القتال، ثم أمره بقتال المشركين كافة، قاتلوا ولم يقاتلوا، يقول: اقتلوا المشركين، فصارت هذه الآية منسوخة بها. وقيل: نسخ بقوله: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} قريب من سبعين آية. اهـ.

وفي «فتح القدير»: وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم.

وقال في «فتح البيان»: في مقاصد القرآن على قوله تعالى: {وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ} الآية. المعنى: واقتلوهم حيث وجدتموهم وأدركتموهم في الحل والحرم، وإن لم يبتدؤوكم، وتحقيق القول: إن الله تعالى أمر بالجهاد في الآية الأولى، بشرط إقدام الكفار على القتال، وفي هذه الآية أمرهم بالجهاد معهم، سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا، واستثنى منه المقاتلة عند المسجد الحرام. انتهى كلامه (١/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>