للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا» رواه مسلم؛ فإن لم تكن حاجة، لم يصح شرطه، أو لم يشرط رده لم يرد إن جاء مسلمًا أو بأمان.

وجاز للإمام أمر من جاء منهم مسلمًا سرًا لقتالهم، وبالفرار منهم، فلا يمنعهم أخذه ولا يجبره عليه؛ لأن أبا بصير، لما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء الكفار في طلبه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا لا يصلح في ديننا الغدر، وقد علمت ما عاهدناهم عليه، ولعل الله تعالى أن يجعل لك فرجًا ومخرجًا» فلما رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه، رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: يا رسول الله، قد أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، وأنجاني الله منهم، فلم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يلمه، بل قال: «ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال» فلما سمع ذلك أبو بصير لحق بساحل البحر، وانحاز إليه أبو جندل بن سهيل، ومن معه من المستضعفين بمكة، فجعلوا لا يمر عليهم عير لقريش إلا عرضوا لهم وأخذوها، وقتلوا من معها.

فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم أن يضمهم إليه، ولا يرد أحدًا جاء ففعل.

فإن تحيز من أسلم منهم وقتلوا من قدروا عليه منهم، وأخذوا من أموالهم، جاز، ولا يدخلون في الصلح حتى يضمهم إليه بإذن الكفار، للخبر، ولو هرب منهم قن فأسلم، لم يرد إليهم؛ لأنه لم يدخل في الصلح وهو حر؛ لأنه ملك نفسه بإسلامه؛ لقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}.

ويؤاخذون بجناياتهم على مسلم من مال وقود، وحد قذف، وسرقة؛ لأن الهدنة تقتضي أمان المسلمين منهم وأمان من المسلمين في النفس والعرض والمال، ولا يحدون لحق الله تعالى؛ لأنهم لم يلتزموا حكمنا.

ويجوز قتل رهائنهم إن قتلوا رهائننا، وينتقض عهدهم بقتالنا أو مظاهرة علينا أو قتل مسلم أو أخذ ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>