للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب على الإمام حمايتهم ممن تحت قبضته؛ لأنه أمنهم منهم إلا من أهل الحرب، فلا يلزمه حمايتهم منهم؛ لأن الهدنة لا تقتضيه، وإن سباهم كافر ولو كان السابي منهم، لم يصح لنا شراؤهم؛ لأنهم في عهدنا وليس علينا استنقاذهم لكون السابي لهم ليس في قبضتنا.

وإن سبا بعضهم ولد بعض وباعه، أو باع ولد نفسه، أو باع أهليه، صح البيع، إلا ذمي، فليس له بيع ولده، ولا ولد غيره، ولا أهليه؛ لأن عقد الذمة أكيد لأنه مؤيد.

وإن خيف من مهادنين نقض عهدهم بأمارة، نبذ الإمام إليهم عهدهم، بأن يعلمهم أن لا عهد بينه وبينهم؛ لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي أعلمهم بنقض العهد، حتى تصير أنتوهم سواء في العلم، ويجب إعلام أهل الهدنة بنبذ العهد قبل الإغارة عليهم للآية، وينتقض عهد نساء أهل الهدنة وذريتهم، بنقض رجالهم تبعًا لهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قتل رجال بني قريظة، حين نقضوا عهده وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم، ولما نقضت قريش عهده بعد الهدنة، حل له منهم ما كان حرم عليه منهم؛ ولأن عقد الهدنة موقت ينتهي بانتهاء مدته فيزول بنقضه وفسخه كالإجارة بخلاف الذمة.

وإن نقض الهدنة بعضهم فأنكر الباقون على من نقص بقول أو فعل، إنكارًا ظاهرًا، أو كاتبونا، أقر الباقون على العهد بتسليم من نقض الهدنة إن قدروا عليهم، أو بتمييز الناقض عنهم، ليتمكن المسلمون من قتالهم؛ فإن أبو التسليم، أو التمييز مع القدرة على أحدهما انتقض عهد الكل بذلك.

قال في الشرح: فإن امتنع من التمييز، أو إسلام الناقض، صار ناقضًا؛ لأنه منع من أخذ الناقض فصار بمنزلته، وإن لم يمكنه التمييز لم ينتقض عهده؛ لأنه كالأسير.

وفي «الإنصاف» -في آخر أحكام الذمة- وكذا أي في نقض العهد، من لم ينكر عليهم، أو لم يعتزلهم، أو لم يعلم بهم الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>