الأصبحي، وهو صاحب رأس الحسين، فاحتاط بداره، وقتله وأحرقه بالنار، ثم قتل عمر بن سعد بن أبي وقاص، صاحب الجيش، الذين قتلوا الحسين، وهو الذي أمر أن يداس صدر الحسين وظهره بالخيل، وقتل ابن عمر المذكور، واسمه حفص، وبعث برأسهما إلى محمد بن الحنفية بالحجاز، وذلك في ذي الحجة من هذه السنة، ثم إِن المختار اتخذ كرسياً، وادعى أن فيه سراً، وأنه لهم مثل التابوت لبني إِسرائيل ولما أرسل المختار الجنود لقتال عبيد الله بن زياد، خرج بالكرسي على بغل يحمله في القتال. ثم دخلت سنة سبع وستين.
مقتل عبيد الله بن زياد وفي هذه السنة في المحرم، أرسل المختار الجنود لقتال عبيد الله بن زياد، وكان قد استولى على الموصل، وقدم على الجيش إِبراهيم بن الأشتر النخعي، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وانهزمت أصحاب ابن زياد، وقتل عبيد الله بن زياد، قتله إِبراهيم بن الأشتر في المعركة، وأخذ رأسه وأحرق جثته، وغرق في الزاب من أصحاب ابن زياد المنهزمين أكثر ممن قتل، وبعث إِبراهيم برأس ابن زياد، وبعدة رؤوس معه إِلى المختار، وانتقم الله للحسين بالمختار، وإن لم تكن نية المختار جميلة.
وفي هذه السنة، أعني سنة سبع وستين، ولى ابن الزبير أخاه مصعباً البصرة، ثم سار مصعب إِلى البصرة، بعد أن طلب المهلب بن أبي صفرة من خراسان، فقدم إِليه بمال وعسكر كثير، فسارا جميعاً إلى قتال المختار بالكوفة، وجمع المختار جموعه والتقيا، فتمت الهزيمة بعد قتال شديد على المختار وأصحابه، وانحصر المختار في قصر الإِمارة بالكوفة، ودخل مصعب الكوفة وحاصر المختار، وما زال المختار يقاتل حتى قتل، ثم نزل أصحابه من القصر على حكم مصعب، فقتلهم جميعهم، وكانوا سبعة آلاف نفس، وكان مقتل المختار في رمضان سنة سبع وستين، وعمره سبع وستون سنة.
وفي هذه السنة، أعني سنة سبع وستين للهجرة، وقيل سنة إِحدى وسبعين، وقيل سنة تسع وستين، وقيل سنة ثمان وستين، توفي بالكوفة أبو بحر الضحاك بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة، وكان يعرف الضحاك المذكور بالأحنف، وهو الذي يضرب به المثل في الحلم، وكان سيد قومه، موصوفاً بالعقل، والدهاء والعلم، والحلم والذكاء، أدرك عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يصحبه، ووفد على عمر بن الخطاب في أيام خلافته، وكان من كبار التابعين، وشهد مع علي وقعة صفين، ولم يشهد وقعة الجمل، مع حد الفريقين، والأحنف: المائل؛ سمي بذلك لأنه كان أحنف الرجل، يطأ على جانبها الوحشي، وقدِم الأحنف المذكور على معاوية في خلافته، وحضر عنده في وجوه الناس، فدخل رجل من أهل الشام، وقال خطيباً، وكان آخر كلامه أن لعن علي بن أبي طالب، فأطرق الناس، وتكلم الأحنف، فقال: يا أمير المؤمنين، إِن هذا القائل لو يعلم أن رِضاك في لعن المرسلين، للعنهم، فاتق الله ودع عنك علياً، فقد لقي ربه، وأفرد في قبره، وكان والله الميمونة نقيبته العظيمة مصيبته، فقال معاوية: يا أحنف