للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم.

في هذه السنة توفي محمد بن المسير المعروف بقطرب النحوي، أخذ النحو عن سيبويه وكان يبكر الحضور إِلى سيبويه، للاشتغال عليه، قبل الصبح، فقال له سيبوبه: ما أنت إِلا قطرب، فغلب عليه ذلك وصار لقبه.

وفيها توفي أبو عمرو إِسحاق الشيباني اللغوي.

ثم دخلت سنة سبع ومائتين في هذه السنة توفي طاهر بن الحسين في جمادى الأولى، من حمى أصابته، وكان في آخر جمعة صلاها، قد ترك الدعاء للمأمون، وقصد لمن يخلعه فمات، وكان طاهر أعور، ويلقب ذا اليمينين وفيه يقول بعضهم:

يا ذا اليمينين وعين واحدة ... نقصان عين ويمين زائدة

وفي هذه السنة توفي بشر بن عمرو الزاهد الفقيه، وهو غير بشر الحافي. وفيها توفي محمد بن عمر بن واقد الواقدي، وعمره ثمان وسبعون سنة، وكان عالماً بالمغازي واختلاف العلماء، وكان يضعف في الحديث، وللواقدي عدة مصنفات، وكان المأمون يكرم جانبه ويبالغ في رعايته، وكان الواقدي متولياً القضاء بالجانب الشرقي من بغداد.

وفيها توفي محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى، المعروف بابن كناسة، وهو ابن أخت إِبراهيم بن الأدهم، وكان عالماً بالعربية والشعر وأيام الناس.

وفيها توفي أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله، المعروف بالفراء الديلمي الكوفي، وكان أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب وكان في ذلك إِماماً. قال الجاحظ: دخلت بغداد في سنة أربع ومائتين، حين قدم إليها المأمون، وكان الفراء يحبني ويشتهي أن يتعلم شيئاً من علم الكلام، فلم يكن له فيه طبع، واتخذ المأمون الفراء معلماً لأولاده، وللفراء عدّة مصنفات منها، كتاب الحدود، وكتاب المعاني، وكتابان في الشكل، وكتاب النهي، وغير ذلك، وكانت وفاته بطريق مكة حرسها الله تعالى، وعمره نحو ثلاث وستين سنة، ولم يكن الفراء يعمل الفراء ولا يبيعها، بل تلقب بذلك لأنه كان يفري الكلام.

ثم دخلت سنة ثمان ومائتين فيها مات الفضل بن الربيع.

ثم دخلت سنة تسع ومائتين فيها مات ميخائيل ملك الروم، وكان ملكه تسع سنين، وملك بعده ابنه توفيل.

وفيها توفي أبو عبيدة محمد بن حمزة اللغوي، وكان يميل إِلى مقالة الخوارج، وعمره تسعٍ وتسعون سنة، وكان متفنناً في العلوم، وكان مع كمالَ فضائله، إِذا أنشد شعراً كسره، ولا يحسن يقيم وزنه، وبلغت مصنفاته نحو مائتي مصنف.

ثم دخلت سنة عشر ومائتين في هذه السنة ظفر المأمون بإِبراهيم بن محمد ابن عبد الوهاب بن إِبراهيم الإمام، وكان يعرف بابن عائشة، وبجماعة معه من الأعيان الذين كانوا قد سعوا في البيعة لإبراهيم بن المهدي، فحبسهم، ثم صلب ابن عائشة، وهو أول عباسي صُلب، ثم أنزل وكفن وصلي عليه ودفن.

ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي وفي هذه السنة أعني سنة عشر ومائتين في ربيع الآخر، أمسك حارس أسود إِبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>