بن المهدي، وهو متنقب مع امرأتين، في زي امرأة وأحضر بين يدي المأمون، فحبسه، ثم بعد ذلك أطلقه، قيل شفع فيه الحسن بن سهل؛ وقيل ابنته بوران وقيل بل المأمون من نفسه عفا عنه.
وفي هذه السنة دخل المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل، وكان الحسن ابن سهل مقيماً في فم الصلح فسار المأمون من بغداد إِلى فمٌ الصلح، ودخل بها ونثرت عليه جدة بوران أم الحسن والفضل ألف حبة لؤلؤ؛ من أنفس ما يكون، وأوقدت شمعة عنبر، فيها أربعون منا، وكتب الحسن بن سهل أسماء ضياعه في رقاع ونثرها على القواد، فمن وقع له رقعة، أخذ الضيعة المسماة فيها، أقول: قد تقدم في سنة ثلاث ومائتين، أن الحسن بن سهل تغير عقله من السوداء، وقيد وحبس وكأنه بعد ذلك تعافى وعاد إِلى منزلته، ولكن لم يذكروا ذلك.
وفي هذه السنة ماتت علية بنت المهدي، ومولدها سنة ستين ومائة وكان زوجها موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائتين فيها أمر المأمون منادياً فنادى: برأت الذمة ممن ذكر معاوية بخير، أو فضله على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها مات أبو العتاهية الشاعر. وفيها توفي أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش النحوي البصري والأخفش: الصغير العينين مع سوء بصرهما. وكان من أئمة العربية البصريين، وأخذ النحو عن سيبويه، وكان أكبر من سيبويه، وكان يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئاً إِلا بعد أن عرضه عليّ، وللأخفش المذكور عدة مصنفات وهو الذي زاد في العروض بحر الخبب، والذين يسمون بالأخفش ثلاثة، أولهم: الأخفش الأكبر، وهو أبو الخطاب عبد الحميد، من أهل هجر، وكان نحوياً أيضاً. ثم الأخفش الأوسط، سعيد بن مسعدة الإمام المذكور. ثم الأخفش الأصغر المتأخر، وهو علي بن سليمان بن الفضل، وكان الأخفش الأصغر المذكور، نحوياً أيضاً، وتوفي في سنة خمس عشرة، وقيل ست عشرة وثلاثمائة.
وفيها توفي عبد الرزاق الصغاني المحدث وهو من مشايخ أحمد بن حنبل، وكان يتشيع.
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة ومائتين فيها أظهر المأمون القول بخلق القرآن وتفضيل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على جميع الصحابة، وقال: هو أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها توفي محمد بن يوسف الضبي، وهو من مشايخ البخاري.
ثم دخلت سنة ثلاث عشر ومائتين فيها ولى المأمون ابنه العباس الجزيرة والثغور والعواصم، وولى أخاه أبا إِسحاق المعتصم الشام ومصر، وولى غسان بن عباد على السند.
وفيها توفي إِبراهيم الموصلي المغني، وكان كوفياً، وسار إِلى الموصل، وعاد، فقيل له الموصلي.
وفيها مات علي بن جبلة الشاعر، وأبو عبد الرحمن المقرئ المحدث.
وفيها وقيل في سنة ثماني عشرة ومائتين، توفي بمصر أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري، وهذا ابن هشام، هو الذي جمع سيرة رسول الله