مصنف، ومنه انتشر مذهب الشافعي في الآفاق، وكان يقال في عصره، إِن الله أظهر عمر بن عبد العزيز على رأس المائة من الهجرة، وأحيى كل سنة، وأمات كل بدعة، ثم منّ الله على الناس بالشافعي على رأس المائتين. فأظهر السنة، وأخفى البدعة، ومن الله على رأس الثلاثمائة بابن سريج، فقوّى كل سنْة، وضعف كل بدعة، وكان جده سريج رجلا مشهوراً بالصلاح.
ثم دخلت سنة سبع وثلاثمائة.
انقراض دولة الأدارسة العلويين من كتاب المغرب في أخبار أهل المغرب أن دولتهم انقرضت غي هذه السنة، أقول: كنا سقنا أخبارهم إِلى محمد بن إِدريس بن إِدريس في سنة أربع عشرة ومائتين، وأن محمداً المذكور لما تولى، فرّق غالب بلاده على أخوته، حسبما قدمنا ذكره في السنة المذكورة، وأنه أعطى أخاه عمر صنهاجة وغمارة، وبقي محمد هو الإمام حتى توفي، ولم يقع لنا تاريخ وفاته، فلما مات محمد ملك بعده ابن أخيه علي بن عمر المذكور ابن إِدريس بن إِدريس، وكانت إِمامة علي المذكور مضطربة، لم يتم له فيها أمر، فخلع عن قرب، وولي بعده ابن أخيه يحيى بن إِدريس عمران إدريس ابن إدريس، وهذا يحيى هو آخر أمتهم بفاس، وانقرضت دولتهم في هذه السنة، أعني سنة سبع وثلاثمائة، وتغلب عليهم فضالة بن جبوس، ثم ظهر من الأدارسة حسن بن محمد بن القاسم بن إِدريس بن إِدريس، ورام رد الدولة، وقد أخذت في الاختلال، ودولة المهدي عبيد الله في الإقبال، فملك عامين، ولم يتم له مطلب، وانقرضت دولتهم من جميع المغرب الأقصى، وحمِل غالب الأدارسة إلى المهدي المذكور، وولده، الأمن اختفى منهم في الجبال إِلى أن ثار بعد الأربعين والثلاثمائة إِدريس من ولد محمد بن القاسم بن إِدريس، فأعاد الإمامة لهذا البيت، ثم تغلب على بر العدوة، عبد الملك بن المنصور بن أبي عامر، وخطب في تلك البلاد لبني أمية، ثم رجع عبد الملك إلى الأندلس، فاضطربت ببر العدوة دولته، فتغلب على قاس بنو أبي العافية، الزناتيون، حتى ظهر يوسف بن تاشفين، أمير المسلمين، واستولى على تلك البلاد.
ثم دخلت سنة ثمان وسنة تسع وثلاثمائة.
مقتل الحُسين بن منصور الحلاج
كان الحسين بن منصور الحلاج الصوفي، يظهر الزهد والتصوف، ويظهر الكرامات، ويخرج للناس فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، ويمد يده إِلى الهواء، ويعيدها مملوءة دراهم، عليها مكتوب قل هو الله أحد، ويسميها دراهم القدرة، ويخبر الناس بما أكلوه، وما صنعوه في بيوتهم، ويتكلم بما في ضمائرهم، فافتتن به خلق كثير، واعتقدوا فيه الحلول، واختلف الناس فيه، كاختلافهم في المسيح، فمن قائل إِنه قد حلّ فيه جزء إِلهي، ومن قائل إِنه ولي،