القاهر بالله، وهو محمد بن المعتضد، وبايعوه لليلتين بقيتا من شوال هذه السنة، ثم أحضر القاهر أم المقتدر وسألها عن الأموال، فاعترفت بما عندها من المصاغ والثياب فقط، فضربها أشد ما يكون من الضرب، وكانت مريضة، قد بدأ بها الاستسقاء، ثم علقها برجلها، فحلفت أنها ما تملك غير ما أطلعته عليه، واستوزر القاهر أبا علي بن مقلة، وعزل وولى وقبض على جماعة من العمال.
غير ذلك وفي هذه السنة. توفي القاضي أبو عمرو محمد بن يوسف، وكان فاضلاً. وأبو الحسين ابن صالح الفقيه الشافعي، وكان عابداً. وأبو نعيم عبد الملك الفقيه الشافعي الجرجاني المعروف بالأشتر الأستراباذي.
ثم دخلت سنة إِحدى وعشرين وثلاثمائة فيها في جمادى الآخرة، ماتت شعب، والدة المقتدر، ودفنت في تربتها بالرصافة. وفي هذه السنة حصلت الوحشة بين مؤنس وبين القاهر، وكان مؤنس قد أقام بليق حاجباً، وجعل أمر دار الخلافة إِليه، فضيق على القاهر، ومنع دخول امرأة إِلى دار الخلافة، حتى يعرف من هي، فإِن القاهر، قد استمال جماعة في الباطن، للقبض على بليق، الحاجب ومؤنس، واتفق مع القاهر على ذلك، طريف السبكري وهو من أكبر القواد.
القبض على مؤنس الخادم وبليق في هذه السنة، في أول شعبان، قبض القاهر بالله على بليق الحاجب وابنه ومؤنس، لأنهم اتفقوا على خلع القاهر، وإقامة أبي أحمد بن المكتفي، واتفق معهم الوزير ابن مقلة على ذلك، فاستمال القاهر طريف السبكري، واتفق معه ومع الساجية، على قبض ابن بليق، وأمكنهم في الدهاليز والممرات، وحضر ابن بليق بجماعة، وقصد الاجتماع بالخليفة، وأظهر أنه يريد الاجتماع به بسبب القرامطة، وكان قصده القبض على الخليفة، ولم يعلم ابن بليق بما أعد له القاهر، فلما دخل دار الخلافة، قبض عليه، وبلغ أباه بليق ذلك، وكان منقطعاً في داره بسبب مرض حصل له، فركب وحضر إِلى دار الخلافة بسبب ذلك، فقبض عليه أيضاً، ثم أرسل القاهر يستدعي مؤنساً فامتنع عن الحضور، فحلف له أنه آمن، ويريد أن يعرفه ما بلغه من اتفاق بليق وابنه على خلعه، فإن كان كذباً أفرج عنهما، وما زال يحلف لمؤنس حتى حضر، فقبض عليه أيضاً، وعزل أبا علي بن مقلة، واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبد الله، ثم جد في طلب أبي أحمد ابن المكتفي، فظفر به فبنى عليه حائطاً فمات.
قتل مؤنس وبليق وابنه
لما أمسك القاهر المذكورين، شغب الجند أصحاب مؤنس، وكانوا غالب العسكر، وثاروا بسبب حبس مؤنس، فطلبوا إِطلاقه، فعمد القاهر إِلى ابن بليق، وذبحه ووضع رأسه في طست، وكان