للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد حبسهم متفرقين، ثم أحضر الرأس في الطست إِلى أبيه بليق، فأخذ أبوه يبكي ويترشف الرأس، ثم قتله القاهر، وجعل رأس بليق مع رأس ولده في الطست، وأحضرهما إِلى مؤنس فلما رأى مؤنس الرأسين، تشاهد ولعن قاتلهما، فقتله أيضاً، وأطلع ثلاثة رؤوسهم، فطيف بها في بغداد، ونودي هذا جزاء من يخون الإمام، ثم نظفت وجعلت الرؤوس في خزانة الرؤوس، على جاري عادتهم، ثم عزل القاهر أبا جعفر الوزير ووالي الخصيبي الوزارة، ثم قبض على طريف السبكري، وكان من أكبر القواد، وهو الذي اتفق مع القاهر على قبض مؤنس وغيره، ولولاه لم يقدر القاهر على فعل ما فعله.

ابتداء دولة بني بويه كان بويه رجلاً متوسط الحال من الديلم، وكنيته أبو شجاع، ولما عظمت مملكة بني بويه، اشتهر نسبهم، فقالوا بويه بن فنا خسرو بن تمام بن كوهي بن شيرزير الأصغر بن شيركنده بن شيرزير الأكبر بن شيران شاه بن شيرفنه بن بستان شاه بن شيرفيروز بن شيروزيك بن سبسذا بن بهرام جور الملك ابن يزد جرد الملك، وباقي النسب إِلى أزدشير بن بابك، قد تقدم في أخبار ملوك الفرس الأكاسرة.

وكان لبويه المذكور ثلاثة أولاد، وهم عماد الدولة أبو الحسن علي، وركن الدولة الحسن، ومعز الدولة أبو الحسين أحمد، أولاد بويه أبي شجاع المذكور، وكانوا في خدمة ماكان بن كاكي الديلمي، ولما ملك من الديلم أسفار بن شيرويه، ومرداويج على ما أشرنا إليه، ملك ماكان بن كاكي الديلمي طبرستان، وكان أولاد بويه الثلاثة المذكورون من جملة عسكره، متقدمين عنده، فلما استولى مرداويج على ماكان بيد ماكان بن كاكي من طبرستان، سار ماكان عن طبرستان، واستولى على الدامغان، ثم انهزم ما كان بن كاكي وعاد إِلى نيسابور مهزوماً، وأولاد بويه المذكورون معه لا يفارقونه، فلما رأوا ضعفه وعجزه عن مقاتلة مرداويج قالوا: نحن معنا جماعة، وأنت مضيق، والأصلح أن نفارقك لنخف المؤنة عنك، فإذا صلح أمرك، عدنا إِليك، فأذن لهم ففارقوه ولحقوا بمرداويج، وتبعهم في ذلك جماعة من قواد ماكان، فأحسن إِليهم مرداويج، وقلد عماد الدولة علي بن بويه كرج، ولما استقر عماد الدولة في كرج، قوي وكثر جمعه، ثم أطلق مرداويج لجماعة من قواده مالاً على كرج، فلما وصلوا لقبض المال، أحسن إِليهم علي بن بويه المذكور، واستمالهم فمالوا إِليه، حتى أوجبوا طاعته. وبلغ ذلك مرداويج، فاستوحش من ابن بويه، ثم قصد ابن بويه المذكور أصفهان وبها ابن ياقوت، فاقتتلوا فانهزم ابن ياقوت واستولى ابن بويه على أصفهان وكان صحاب ابن بويه تسع مائة رجل، وعسكر ابن ياقوت عشرة آلاف، فلما هزم عماد الدولة بتسع مائة، عشرة آلاف، عظم في عيون الناس وقويت هيبته، وبقي مرداويج يراسل ابن بويه، ويستدعيه بالملاطفة، وابن بويه يعتذر ولا يحضر إِليه، وأقام ابن بويه بأصفهان

<<  <  ج: ص:  >  >>