إلى الله أن يؤخر أجلي. فلما أرادوا ذلك ألقى الله عليهم النوم، حتى لم يستطيعوا الدعاء، وجعل المسيح يوقظهم ويؤنبهم فلا يزدادون إلا نوماً وتكاسلاً، وأعلموه أنهم مغلوبون عن ذلك، فقال المسيح: سبحان الله يذهب بالراعي، ويتفرق الغنم، ثم قال لهم: الحق أقول لكم: ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة، ويأكلن ثمني.
وكانت اليهود قد جدت في طلبه، فحضر أحد الحواريين إلى هرذوس الحاكم على اليهود وإلى جماعة من اليهود وقال: ما تجعلون لي إذا دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهماً فأخذها ودلهم عليه فرفع الله تعالى المسيح إليه، وألقى شبهه على الذي دلهم عليه.
قال ابن الأثير في الكامل: وقد اختلفت العلماء في موته قبل رفعه فقيل: رفع ولم يمت، وقيل بل توفاه الله ثلاث ساعات، وقيل: سبع ساعات، ثم أحياه، وتأول قائل هذا قوله تعالى:" إني متوفيك "" آل عمران: ٥٥، ".
ولما أمسك اليهود الشخص المشبه به ربطوه، وجعلوا يقودونه بحبل، ويقولون له: أنت كنت تحيي الموتى، أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل؟ ويبصقون في وجهه، ويلقون عليه الشوك وصلبوه على الخشب، فمكث على الخشب ست ساعات ثم استوهبه يوسف النجار من الحاكم الذي كان على اليهود، وكان اسمه فيلاطوس، ولقبه هرذوس، ودفنه في قبر كان يوسف المذكور قد أعده لنفسه ثم أنزل الله المسيح من السماء إلى أمه مريم وهي تبكي عليه، فقال لها: إن الله رفعني إليه ولم يصبني إلا الخير، وأمرها فجمعت له الحواريين، فبثهم في الأرض رسلاً عن الله، وأمرهم أن يبلغوا عنه ما أمر الله به، ثم رفعه الله إليه، وتفرق الحواريون حيث أمرهم وكان رفع المسيح لمضي ثلاثمائة وست وثلاثين سنة من غلبة الإسكندر على دارا.
قال الشهرستاني: ثم إن أربعة من الحواريين وهم: متى ولوقا ومرقس ويوحنا، اجتمعوا وجمع كل واحد منهم إنجيلاً، وخاتمة إنجيل متى أن المسيح قال: إني أرسلتكم إلى الأمم كما أرسلني أبي إليكم، فاذهبوا وادعوا الأمم باسم الأب والابن روح القدس.
وكان بين رفع المسيح ومولد النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة وخمس وأربعون سنة تقريباً، وكانت ولادة المسيح أيضاً لمضي ثلاث وثلاثين سنة من أول ملك أغسطس، ولمضي إحدى وعشرين سنة من غلبته على قلوبطرا لان أغسطس لمضي اثنتي عشرة سنة من ملكه، سار من رومية، وملك ديار مصر، وقتل قلوبطرا ملكة اليونان.
وبعد إحدى وعشرين سنة من غلبته على قلوبطرا ولد المسيح عليه السلام، وقيل غير ذلك، ولكن هذا هو الأقوى، وكانت مدة ملك أغسطس ثلاثاً وأربعين سنه.
وعاش المسيح إلى أن رفع ثلاثاً وثلاثين سنة، فيكون رفع المسيح بعد موت أغسطس بثلاث وعشرين سنة، فيكون رفع المسيح في أواخر السنة الأولى من ملك غانيوس.
وأما أمة عيسى فهم النصارى، وسيذكرون مع باقي الأمم في الفصل الخامس إن