للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى المعز، وكذلك بعدة من الأسرى والسلاح، وسار الحسن بعد هذا النصر وأقام بقصره بصقلية، ولحقه المرض حتى توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وكان عمره ثلاثاً وخمسين سنة، وفي أواخر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة استقدم المعز الأمير أحمد من صقلية وسار منها بأهله وماله وولده، فكانت إمارته بها ست عشرة سنة وتسعة أشهر، ولما سار أحمد عنها استخلف على الجزيرة يعيش مولى أبيه الحسن بن علي، فلما وصل أحمد إِلى إِفريقية أرسل المعز أبا القاسم علي بن الحسن بن علي أخا الأمير أحمد المذكور، وولاه الجزيرة نيابة عن أخيه أحمد، فوصل أبو القاسم إِلى صقلية في منتصف شعبان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. وفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة قدم المعز الأمير أحمد على الأسطول وأرسله إِلى مصر، فلما وصل إِلى طرابلس، اعتل أحمد بن الحسن المذكور ومات بها، وفي سنة ستين وثلاثمائة أرسل المعز إِلى أبي القاسم سجلاً باستقلاله بولاية صقلية، وتعزيته في أخيه أحمد وفي سنة ست وستين وثلاثمائة غزا الأمير أبو القاسم علي وعاد إِلى الأرض الكبيرةْ، ونزل بموضع يعرف بالأبرجة، فرأى عسكره قد أكثروا من جمع البقر والغنم، فأنكر ذلك وقال: لقد أثقلتم وهذا يعيقنا عن الغزو، فأمر بذبحها وتفريقها، فسميت تلك المرحلة مناخ البقر إِلى الآن، وشنت غاراته في الأرض الكبيرة، وأخرب فيها مدناً، ثم عاد إلى صقلية مؤيداً منصوراً، واستمر أبو القاسم يغزو إِلى سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، فجرى بينه وبين الفرنج قتال استشهد فيه أبو القاسم ولذلك يعرف بالشهيد، وكان مقتله في المحرم من السنة المذكور ومدة ولايته على صقلية اثنتي عشرة سنة وخمسة أشهر وأياماً.

ولما استشهد أبو القاسم، تولى الأمر بعده ابنه جابر بن أبي القاسم بغير ولاية من الخليفة، وكان جابر المذكور سيء التدبير، وفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وصل إلى صقلية جعفر بن محمد بن الحسين بن علي بن أبي الحسين أميراً عليها من قبل العزيز خليفة مصر، فاغتم جابر لذلك غماً عظيماً، وكان جعفر المذكور مواظباً للعزيز خليفة مصر، قريباً إِليه جداً، وكان للعزيز وزير يقال له ابن كلس، فغار من جعفر، فلما استشهد أبو القاسم أشار ابن كلس بتولية جعفر فأرسله العزيز إِليها، فسار جعفر إِلى صقلية، وهو كاره لذلك، وبقي جعفر والياً على صقلية حتى مات في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، فولى أخوه عبد الله بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي الحسين، وبقي عبد الله حتى توفي في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، وتولى بعده ولده أبو الفتوح

<<  <  ج: ص:  >  >>