ابتداء دولة آل سبكتكين وفي هذه السنة ملك سبكتيكين مدينة غزنة. وكان سبكتكين من غلمان أبي إِسحاق بن البتكين، صاحب جيش غزنة للسامانية، وكان سبكتكين مقدماً عند مولاه أبي إِسحاق، لعقله وشجاعته، فلما مات أبو إِسحاق ولم يكن له ولد، اتفق العسكر وولوا سبكتكين عليهم لكمال صفات الخير فيه، وحلفوا له وأطاعوه، ثم إِن سبكتكين عظم شأنه وارتفع قدره وغزا بلاد الهند واستولى على بُسْت وفصْدار.
غير ذلك من الحوادث فيها مات منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن إِسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، صاحب خراسان وما وراء النهر في منتصف شوال، في بخارى، وكانت ولايته نحو خمس عشرة سنة، وولي الأمر بعده ابنه نوح بن منصور، وعمره نحو ثلاث عشرة سنة وفيها مات القاضي منذر بن سعيد البلوطي، قاضي قضاة الأندلس، وكان إِماماً فقيهاً خطيباً شاعراً ذا دين متين، وفيها قبض عضد الدولة على أبي الفتح بن العميد وزير أبيه وسمل عينه الواحدة، وقطع أنفه، وكان أبو الفتح ليلة قبض، قد أمسى مسروراً، وأحضر ندماءه، وأظهر من الآلات الذهبية والزجاج المليح، وأنواع الطيب، ما ليس لأحد مثله، وشربوا وعمل شعراً، وغني له به وهو:
دعوت المنى ودعوتُ العلى ... فلما أجابا دعوتُ القَدَح
وقلت لأيام شرخ الشبابِ ... إِلي فهذا أوان الفرح
إِذا بلغ المرء آماله ... ليس له بعدها مقترح
فطاب عليه وشرب حتى سكر ونام، فقبض عليه في السحر من تلك الليلة.
وفاة الحكم الأموي صاحب الأندلس الملقب بالمستنصر
في هذه السنة. توفي الحكم بن عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي، صاحب الأندلس وكانت إِمارته خمسٍ عشرة سنة، وخمسة أشهر، وعمره ثلاثاً وستين سنة وسبعة أشهر، وكان فقيهاً عالماً بالتاريخ، وغيره، وعهد إِلى ابنه هشام بن الحكم، وعمره عشر سنين ولقبه المؤيد بالله فلما مات بايع الناس ابنه هشاماً، ولما بويع المؤيد هشام بالخلافة، وكان عمره عشرة أعوام، فتولى حجابته وتنفيذ أموره أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد ابن الوليد بن يزيد المعافري