اثنتين وثمانين وثلاثمائة فيها شغبت الجند على بهاء الدولة بسبب استيلاء أبي الحسن بن المعلم على الأمور كلها، فقبض بهاء الدولة على ابن المعلم وسلمه إلى الجند فقتلوه.
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة في هذه السنة استولى على بخارى بغراخان، واسمه هارون بن سليمان أيلك خان، وكان له كاشغر وبلا صاغون إِلى حد الصين، فقصد بخارى، وجرى بينه وبين الأمير الرضي نوح بن منصور الساماني حروب انتصر فيهما بغراخان، وملك بخارى، وخرج منها الأمير نوح مستخفياً، فعبر النهر إِلى أمل الشط، وأقام الأمير نوح المذكور بها، ولحق به أصحابه، وبقي يستدعي أبا علي بن سيمجور صاحب جيش خراسان، فلم يأته وعصي عليه، ومرض بغراخان في بخارى، فارتحل عنها راجعاً نحو بلاده، فمات في الطريق، وكان بغراخان ديناً حسن السيرة، وكان يحب أن يكتب عنه مولى رسول الله، وولي أمرة الترك بعده طغان خان أبو نصر أحمد بن علي خان، ولما رحل بغراخان عن بخارى ومات، بادر الأمير نوح فعاد إِلى بخارى، واستقر في ملكه وملك آبائه.
ثم دخلت سنة أربع وثمانين وثلاثماثة في هذه السنة لما عاد نوح إلى بخارى، اتفق أبو علي بن سيمجور صاحب جيش خراسان، وفائق، على حرب نوح، فكتب نوح إِلى سبكتكين وهو بغزنة يعلمه الحال، وولاه خراساَن، فسار سبكتكين عن غزنة ومعه ولده محمود إِلى نحو خراسان، وخرج نوح من بخارى، فاجتمعوا وقصدوا أبا علي بن سيمجور وفائقاً، واقتتلوا بنواحي هراة، فانهزم أبو علي وأصحابه، وتبعهم عسكر نوح وسبكتكين. يقتلون فيهم، ولما استقر أمر نوح بخراسان، استعمل عليها محمود بن سبكتكين.
وفيها توفي عبيد الله بن محمد بن نافع، وكان من الصالحين، بقي سبعين سنة لا يستند إلى حائط ولا إِلى مخدة. وأبو الحسن علي بن عيسى النحوي، المعروف بالرماني، ومولده سنة ست وتسعين ومائتين، وله تفسير كبير، ومحمد بن العباس بن أحمد القزاز، سمع وكتب كثيراً، وخطه حجة في صحة النقل، وجودة الضبط.
وفيها توفي أيضاً أبو إسحاق إِبراهيم بن هلال الكاتب الصابي المشهور، وكان عمره إِحدى وتسعين سنة، وكان قد زمن وضاقت الأمور به، وقلت عليه الأموال، كان كاتب إِنشاء ببغداد لمعز الدولة، ثم كتب لبختيار، وكانت تصدر عنه مكاتبات إِلى عضد الدولة تؤلمه، فحقد عليه، فلما ملك عضد الدولة بغداد حبسه مدة، ثم أطلقه، وأمره عضد الدولة أن يصنف له كتاباً في أخبار الدولة الديلمية، فصنف له كتاباً وسماه التاجي، ونقل إِلى عضد الدولة عنه، أن بعض أصحاب أبي إسحاق، دخل عليه وهو يؤلف في التاجي، فسأله عما يعمل؟ فقال: أباطيل أنمقها، وأكاذيب ألفقها، فحرك ذلك عضد الدولة وأهاج حقده، فأبعده وأحرمه، ولم يزل الصابي على دينه، فجهد عليه معز الدولة أن يسلم فلم يفعل، وكان مع ذلك يحفظ القرآن، ولما مات الصابي المذكور رثاه الشريف الرضي فليم على ذلك. فقال: إِنما رثيت فضيلته.
ثم دخلت سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وفي هذه السنة عاد أبو علي ابن