سيمجور إِلى خراسان، وقاتل محمود بن سبكتكين، وأخرجه عنها، ثم سار سبكتكين ومحمود ابنه بالعساكر، واقتتلوا مع أبي علي بطرس فهزموه، وفي ذلك يقول بعض الشعراء عن ابن سيمجور:
عصى السلطان فابتدرت إِليه ... رجال يقلعون أبا قبيس
وصير طوس معقله فكانت ... عليه طوس أشأم من طويس
ثم إِن أبا علي طلب الأمان من نوح، فأمنه وسار إِليه، فلما وصل إِلى بخارى، قبض نوح على أبي علي وأصحابه وحبسهم، حتى مات أبو علي في الحبس.
وفاة ابن عباد في هذه السنة مات الصاحب أبو القاسم إِسماعيل بن عباد وزير فخر الدولة، علي بن ركن الدولة، بالري، ونقل إِلى أصفهان ودفن بها، وكان الصاحب المذكور أوحد زمانه، علماً وفضلا وتدبيراً وكرماً، وكان عالماً بأنواع العلوم، وجمع من الكتب ما لم يجمعه غيره، وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء، لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، فقيل له صاحب ابن العميد. ثم طلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة، وبقي علماً عليه. ثم سمي به كل من ولي الوزارة، وكان أولاً وزيراً لمؤيد الدولة بن ركن الدولة، فلما مات مؤيد الدولة، واستولى أخوه فخر الدولة على مملكته، أقر الصاحب بن عباد على وزارته، وعظمت منزلته عنده، وصنف الصاحب عدة كتب، منها المحيط في اللغة، والكافي في الرسائل، وكتاب الإمامة، يتضمن فضائل علي وصحة إمامة من تقدمه، وكتاب الوزارة، وله النظم الجيد، وكان مولده في ذي القعدة سنة ست وعشرين وثلاثمائة بإصطخر وقيل بالطالقان، وهي طالقان قزوين، لا طالقان خراسان، وكان عباد أبو الصاحب وزير ركن الدولة، وتوفي عباد في سنة أربع أو خمس وثلاثين وثلاثمائة وفي هذه السنة توفي الإمام أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد المعروف بالدارقطني. وكان حافظاً إِماماً فقيهاً، مذهب الشافعي، وكان يحفظ كثيراً من دواوين الشعراء منها ديوان السيد الحميري، فنسب إِلى التشيع لذلك، وخرج من بغداد إلى مصر، وأقام عند أبي الفضل جعفر بن الفضل، وزير كافور الإخشيدي. وحصل للدارقطني منه مال جزيل، وكان متقناً في علوم كثيرة، إِماماً في علوم القرآن، وكان مولده في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وكانت وفاته ببغداد، والدارقطني نسبة إِلى دار القطن، وكانت محلة كبيرة ببغداد.
وفيها توفي أبو محمد يوسف بن الحسن بن عبد الله، بن المرزبان السيرافي النحوي الفاضل بن الفاضل، شرح أبوه الحسن بن عبد الله، كتاب سيبويه، وظهر له فيه ما لم يظهر لغيره، وصنف بعده كتاب الإقناع، ومات الحسن المذكور قبل إِتمامه، فكمله ولده يوسف المذكور. ثم صنف عدة كتب مشهورة، مثل شرح أبيات كتاب سيبويه، وشرح إِصلاح المنطق، وسيراف فرضة فارس، وليس بها زرع، ولا ضرع، وأهلها زجاة، ومنها ينتهي الإنسان