من أحسن الدول سيرة وعدلا، وهذا عبد الملك هو عبد الملك بن نوح بن منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن إِسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان. فسبحان من لا يزول ملكه، وكان ابتداء دولتهم في سنة إِحدى وستين ومائتين، وانقرضت في هذه السنة، أعني سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، ثم دخلت سنة تسعين وثلاثمائة في هذه السنة وقيل بل في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة توفي أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي اللغوي، كان إِماماً في علوم شتى، وخصوصاً في اللغة، وله عدة مصنفات منها: كتابه المجمل في اللغة، ووضع المسائل الفقهية، وهي مسألة في المقامة الطيبية، وكان مقيماً بهمذان وعليه اشتغل البديع الهمذاني صاحب المقامات.
ثم دخلت سنة إِحدى وتسعين وثلاثمائة في هذه السنة قتل حسام الدولة المقلد بن المسيب بن رافع بن جعفر بن عمر بن مهنا بن يزيد بالتصغير بن عبد الله بن زيد، من ولد ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن العقيلي، وكان المقلد المذكور أعور وأخوه أبو الذواد محمد بن المسيب، هو أول من استولى منهم على الموصل، وملكها في سنة ثمانين وثلاثمائة حسبما تقدم ذكره، ثم ملكها بعده أخوه المقلد المذكور، في سنة ست وثمانين وثلاثمائة واستمر مالكها حتى قتل في هذه السنة، قتله مماليكه الأتراك بالأنبار، وكان قد عظم شأنه، ولما مات قام مقامه ابنه قرواش بن المقلد بن المسيب.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة توفي أبو عبد الله الحسين بن الحجاج الشاعر، بطريق النيل. وكان شاعراً مشهوراً، ذا مجون وخلاعة، وتولى حسبة بغداد مدة، وكان من كبار الشيعة، وأوصى أن يدفن عند مشهد موسى بن جعفر، وأن يكتب على قبره " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد "" الكهف: ١٨ "، ولما مات بالنيل، نقل إِلى بغداد ودفن كما أوصى، والنيل بلدة على الفرات بيِن بغداد والكوفة، وأصل اسم هذا الموضع، أن الحجاج بن يوسف حفر به نهراً مخرجه من الفرات، وعليه قرى، وسماه باسم نيل مصر.
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة في هذه السنة غزا السلطان محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فغنم وأسر وسبى كثيراً، وعاد إِلى غزنة سالماً غانماً. وفي هذه السنة جرى بين قرواش بن المقلد بن المسبب العقيلي وبين عسكر بهاء الدولة حروب، انتصر فيها قرواش أولاً، ثم انتصر عسكر بهاء الدولة. وفي هذه السنة توفي أبو بكر محمد بن محمد بن جعفر الفقيه الشافعي المعروف بابن الدقاق، صاحب الأصول.
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة في هذه السنة ملك يمين الدولة محمود بن سبكتكين سجستان، وانتزعها من يد صاحبها، خلف بن أحمد، وبقي خلف بن أحمد المذكور في الجوزخان بعد ذلك أربع سنين، ثم نقله يمين الدولة محمود إِلى جودين، واحتاط