عليه هناك حتى أدركه أجله، سنة تسع وتسعين، وكان خلف المذكور مشهوراً بطلب العلم، وله تفسير من أكبر الكتب.
غير ذلك من الحوادث
في هذه السنة توفي أبو عامر محمد، الملقب بالمنصور، أمير الأندلس، وكان قد عظم شأنه، وأكثر الغزوات، وضبط البلاد، وكانت ولايته في سنة ست وستين وثلاثمائة حسبما ذكرناه هناك، فكانت مدة ولايته نحواً من سبع وعشرين سنة، ولم يكن للمؤيد خليفة الأندلس معه من الأمر شيء، ولما توفي المنصور بن أبي عامر المذكور، تولى بعده ابنه أبو مروان عبد الملك بن المنصور المذكور، وتلقب بالمظفر وجرى في الغزو وسياسة الملك عن هشام المؤيد، على قاعدة أبيه، وبقي عبد الملك المذكور في الولاية سبع سنين، فتكون وفاته في سنة أربعمائة.
ولما توفي عبد الملك المظفر المذكور، قام بالأمر بعده أخوه عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر المذكور، وتلقب عبد الرحمن المذكور بالناصر، فخلط ولم يزل مضطرب الأمور مدة أربعة أشهر، فخرج على المؤيد، ابن عمه محمد بن هشام على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى، فخلع هشام وقُتل عبد الرحمن المذكور وصُلب.
وفي هذه السنة كثرت العيارون والمفسدون والفتن ببغداد. وفيها استعمل الحاكم العلوي صاحب مصر والشام على دمشق، أبا محمد الأسود، ولما استقر في قصر الإِمارة بدمشق وحكم، أشْهَر إِنساناً مغربياً ونادى عليه، هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر ثم أخرجه من دمشق.
وفيها توفي ببغداد عثمان بن جني النحوي الموصلي، مصنف اللمع وغيره، ومولده سنة اثنتين وثلاثمائة وفيها توفي القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني بالري، وكان إِماماً فاضلاً ذا فنون كثيرة، والوليد بن بكر بن مخلد الأندلسي الفقيه المالكي، وهو محدث مشهور.
وفيها توفي أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي الشاعر البغدادي، فمن شعره في عضد الدولة:
فبشرت آمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو العمر
وله في الدرع:
يا ربَّ سابغة حبتني نعمة ... كافأتها بالسوء غير مفند
أضحت تصون عن المنايا مهجتي ... وظللت أبذلها لكل مهندِ
ثم دخلت سنة أربع وتسعين وثلاثمائة خروج البطيحة عن ملك مهذب الدولة في هذه السنة استولى على البطيحة وغيرها إِنسان يقال له أبو العباس بن واصل. وكان رجلاً قد تنقل في خدم الناس، ثم خدم مهذب الدولة صاحب البطيحة، فتقدم عنده حتى جهز معه جيشاً، فاستولى على البصرة وسيراف، فلما فتحهما ابن واصل المذكور، وغنم