يرسم بإنفاذه أو إنفاذ قطعة منه، فتعذر نقله لثقله، فحاولوا كسر قطعة منه، فما كانت الآلات تعمل فيه إلا بجهد، وكانت كل آلة تعمل فيه تنكسر، لكنهم فصلوا منه آخر الأمر شيئا، فأنفذوه إليه، ورام أن يطبع منه سيفاً فتعذر عليه، وحكى أن جملة ذاك الجوهر، كان ملتئماً من أجزاء جاورشية صغار، مستديرة، التصق بعضها ببعض، قال: وهذا الفقيه عبد الواحد الجورجاني صاحبي شاهد ذلك كله. ثم دخلت سنة تسع وعشرين وأربعمائة. فيها قتل شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس صاحب حلب، في قتاله لعسكر مصر، الذين كان مقدمهم الدزيري على ما قدمنا ذكره، في سنة اثنتين وأربعمائة وفيها هادن المستنصر بالله العلوي ملك الروم، على أن يطلق خمسة آلاف أسير، ليمكن من عمارة قمامة التي كان قد خربها الحاكم في أيام خلافته، فأطلق الأسرى وأرسل من عمر قمامة، وأخرج ملك الروم عليها أموالاً عظيمة جليلة. وفيها توفي أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري، صاحب التواليف المشهورة، وكان إمام وقته، ومن جملة تواليفه المشهورة: يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، وكان مولده سنة خمسين وثلاثمائة.
ثم دخلت سنة ثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو علي الحسين الرخجي، وزير ملوك بني بويه، ثم ترك الوزارة، وكان في عطلته يتقدم على الوزراء. وفيها توفي أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي، أمير مكة. وفيها توفي أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني الحافظ، والفضل بن منصور بن الطريف الفارقي، الأمير الشاعر، وله ديوان حسن. ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. فيها ملك الملك أبو كاليجار البصرة.
أخبار عمان
لما توفي أبو القاسم بن مكرم صاحب عمان، ولي بعده ابنه أبو الجيش، وقد صاحب جيش أبيه علي بن هطال، وكان أبو الجيش يحترم ابن هطال، ويقوم له إذا حضر، وكان لأبي الجيش أخ يقال له المهذب، ينكر على أخيه أبي ابن الجيش قيامه لابن هطال، وإكرامه، فعمل ابن هطال دعوة للمهذب، فلما عمل السكر في المهذب، حدثه ابن هطال وقال له: إن قمت معك وملكتك وأخرجت أخاك أبا الجيش، ما تعطيني؟ فبذل المهذب له الإقطاعات الجليلة، والمبالغة في الإكرام، فطلب ابن هطال خطه بذلك، فكتبه المهذب، وأصبح ابن هطال، فاجتمع بأبي الجيش وعرفه أن أخاه المهذب يسعى في أخذ الملك منه، وقال: قد رغبني وكتب خطه لي، وأخرج الخط، فأمر أبو الجيش بالقبض على أخيه المهذب، ثم قتله، وبعد ذلك بقليل مات أبو الجيش وله أخ صغير يقال له أبو محمد، فطلبه ابن هطال من أمه ليجعله في الملك، فلم تسلمه إليه. وقالت: ولدي غير ما يصلح، أفتصل أنت بالملك، فاستولى ابن هطال على عمان، وأساء السيرة، وبلغ ذلك الملك أبا كاليجار، فأعظمه وأرسل جيشاً إلى عمان، وخرجت الناس عن طاعة علي