كانوا جماعة أرسلان بن سلجوق، وبقي اسمهم هناك الترك العرية، وبذلك سمى كل جماعتهم، وسار طغريل بك وأخواه داود ويبغو من خراسان إلى بخارى، فسار علي تكين بعسكره وأوقع بهم، وقتل عدة كثيرة من جمائعهم فألجأتهم الضرورة إلى العود إلى خراسان، فعبرا نهر جيحون، وخيموا بظاهر خوارزم، سنة ست وعشرين وأربعمائة، واتفقوا مع خوارزمشاه هرون بن الطيطاش وعاهدهم ثم غدر بهم خوارزمشاه وكبسهم، فأكثر خوارزم إلى جهة مرو، فأرسل إليهم مسعود أب السلطان محمود جيشاً فهزمهم، وجرى بين عسكر مسعود منازعة على الغنيمة، وأدت إلى قتال بينهم، وأشار داود بالعود إلى جهة العسكر، فعادوا فوجدوا الاختلاف والقتال بينهم، فأوقع السلجوقية بعسكر مسعود وهزموهم، وأكثروا القتل فبهم واستردوا ما كان أخذوه منهم، وتمكنت هيبتهم من قلوب عسكر مسعود، فكاتبهم السلطان مسعود واستمالهم، فأرسلوا إليه يظهرون الطاعة ويسألونه أن يطلق عمه أرسلان بن سلجوق، الذي قبضه السلطان محمود، فأحضر مسعود أرسلان المذكور إلى عنده ببلخ، فطلبهم ليحضروا فامتنعوا، فأعاده إلى محبسه، وعادت الحرب بينهم، وهزموا عسكر مسعود مرة بعد أخرى، وقوى أمرهم واستولوا على غالب خراسان، وفرقوا النواب في النواحي، وخطب لطغريل بك في نيسابور، وسار داود إلى هراة، وهرب عساكر مسعود وتقدموا من خراسان إلى غزنة، وأعلموا مسعود بتفاقم الحال، فسار مسعود بجميع عساكره وقيوله من غزنة اليهم إلى خراسان، وبقي كل ماتبع السلجوقية إلى مكان، ساروا عنه إلى غيره، وطال البيكار على عسكر مسعود، وقلت الأقوات عليهم، وآخر ذلك أن السلجوقية ساروا إلى البرية، فتبعهم مسعود بتلك العساكر العظيمة مرحلتين، فضجرت العساكر من طول البيكار، وكان لعسكر خراسان إذ ذاك ثلاث سنين في البيكار، ونزل العسكر بمنزلة قليلة المياه، وكان الزمان حاراً، فجرى بينهم الفتن بسبب الماء، ومشى بعض العسكر إلى بعض في التخلي عن مسعود، ووقع بينهم الخلاف، فعادت السلجوقية عليهم فانهزمت عساكر مسعود أقبح هزيمة، وثبت السلطان مسعود في جمع قليل، ثم ولى منهزماً، وغنم السلجوقية منهم ما لا يدخل تحت الإحصاء، وقسم داود ذلك على أصحابه وآثرهم على نفسه، وعاد السلجوقية إلى خراسان، فاستولوا عليها، وثبتت قدمهم بخراسان وخطب لهم على منابرها، وذلك في أواخر سنة إحدى وثلاثين وأبعمائة، وسنذكر باقي أخبارهم إن شاء الله تعالى.
قبض مسعود وقتله
ولما انهزم عسكر مسعود من السلجوقية على ما ذكرنا، وهرب مسعود وعسكره عن خراسان إلى غزنة، فوصل إليها في شوال سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة وقبض على مقدم