وكان محبوساً في بعض القلاع فأحضر وبويع له، وقام بتدبر الأمر بين يديه خرخير، وكان أميراً على الأعمال الهندية، فقدم وتتبع كل من كان أعان على قتل عبد الرشيد فقتله.
وفاة قرواش في هذه السنة مستهل رجب، توفي معتمد الدولة أبو منيع قرواش بن المقلد ابن المسيب العقيلي، الذي كان صاحب الموصل، محبوساً بقلعة الجراحية من أعمال الموصل، وحمل فدفن بتل توبة من مدينة نينوى شرقي الموصل، وقيل إن ابن أخيه قريش بن بدران المذكور، أحضر عمه قرواشاً المذكور من الحبس إلى مجلسه وقتله فيه، وكان قرواش من ذوي العقل وله شعر حسن فمنه:
لله در النائبات فإنها ... صدأ القلوب وصيقل الأحرار
ما كنت إلا زبرة فطبعتني ... سيفاً وأطلق صرفهن عراري
وجمع قرواش المذكور بين أختين في نكاحه، فقيل له: إن الشريعة تحرم هذا. فقال: وأي شيء عندنا تجيزه الشريعة، وقال مرة. ما برقبتي غير خمسة أو ستة قتلتهم من البادية، وأما الحاضرة فلا يعبأ الله بهم.
غير ذلك من الحوادث فيها قبض على أبي هشام بن خميس بن معن صاحب تكريت، أخوه عيسى ابن خميس، وسجنه واستولى على تكريت. وفيها في حوادث هذه السنة زلزلت خورستان وغيرها زلازل كثيرة، وكان معظمها بأرجان، فانفرج من ذلك جبل كبير قريب من أرجان، وظهر وسطه درجة بالآجر والجص، فتعجب الناس من ذلك، وكذلك كانت الزلازل بخراسان وكان أشدها ببيهق، وخرب سور قصبة بيهق، وبقي خراباً حتى عمره نظام الملك في سنة أربع وستين وأربعمائة، ثم خربه أرسلان أرغو. ثم عمره مجد الملك البلاساني.
وفي هذه السنة كانت الفتنة ببغداد بين السنية والشيعة، وأعادت الشيعة الآذان بحي على خير العمل، وكتبوا في مساجدهم محمد وعلي خير البشر.
ثم دخلت سنة خمس وأربعين وأربعمائة فيها عماد أبو منصور فلاستون ابن الملك أبي كاليجار، واستولى على شيراز وأخذها من أخيه أبي سعيد بن أبي كاليجار، ولما استقر أبو منصور في شيراز خطب فيها للسلطان طغرلبك، ولأخيه الملك الرحيم، ولنفسه بعدهما. ثم دخلت سنة ست وأربعين وأربعمائة فيها سار طغرلبك إلى أذربيجان وقصد تبريز فأطاعه صاحبها وهشوذان وخطب له فيها وحمل إليه ما أرضاه، وذلك فعل أصحاب تلك النواحي، ولما استقر له أذربيجان على ما ذكرنا سار إلى أرمينية وقصد ملازكرد وهي للروم، وحصرها فلم يملكها، وعبر إلى الروم وغزا في الروم ونهب وقتل وأثر فيهم آثاراً عظيمة.