دجلة، وكان دخول البساسيري وأولاده سنة خمسين سادس ذي القعدة، وخروجهم من بغداد في سنة إحدى وخمسين سادس ذي القعدة أيضاً، ووصل طغريل بك إلى بغداد وأرسل في طلب الخليفة القائم إلى مهارس، فسار مهارس والخليفة إلى بغداد في السنة المذكورة، أعني سنة إحدى وخمسين في حادي عشر ذي القعدة وأرسل طغريل بك الخيام العظيمة والآلات لملتقى الخليفة القائم، ووصل الخليفة إلى النهروان رابع وعشرين ذي القعدة وخر طغريل بك لتلقيه واجتمع به واعتذر عن تأخره بعصيان أخيه إبراهيم، وأنه قتله عقوبة لما جرى منه، وبوفاة أخيه داود بخراسان، وسار مع الخليفة ووقف طغريل بك في الباب النوبي مكان الحاجب. وأخذ بلجام بغلة الخليفة حتى صار على باب حجرته، ودخل الخليفة إلى داره يوم الاثنين لخمس بقين من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين، ثم أرسل طغريل بك جيشاً خلف البساسيري، ثم سار طغريل بك في إثرهم، واقتتل الجيش والبساسيري. ثامن ذي الحجة، فقتل البساسيري، وانهزم أصحابه وحمل رأسه إلى طغريل بك وأخذت أموال البساسيري مع نسائه وأولاده ثم أرسل طغريل بك رأس البساسيري إلى دار الخلافة فصلب قبالة الباب النوبي، وكان البساسيري مملوكاً تركياً من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة. واسمه أرسلان، وهو منسوب إلى مدينة بسا بفارس، وكان سيد هذا لمملوك من بسا، فقيل له البساسيري لذلك، والعرب تجعل عوض الباء فاء فتقول فسا ومنها أبو علي الفارسي النحوي.
غير ذلك من الحوادث وفي هذه السنة أعني سنة خمسين وأربعمائة توفي شهاب الدولة أبو الفوارس منصور بن الحسين الأسدي صاحب الجزيرة، واجتمعت عشيرته على ولده صدقة، وفيها توفي الملك الرحيم أبو نصر خسره فيروز آخر ملوك بني بويه بعد أن نقل من قلعة السيروان إلى قلعة الري، فمات بها مسجوناً وهو الملك الرحيم بن أبي كاليجار المرزبان بن سلطان الدول بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه. وفيها توفي القاضي أبو الطيب الطبري الفقيه الشافعي وله مائة سنة وسنتان، وكان صحيح السمع والبصر، سليم الأعضاء يناظر ويفتي ويستدرك على الفقهاء، ودفن عند قبر أحمد بن حنبل. وفيها توفي قاضي القضاة أبو الحسين علي بن محمد بن حبيب الماوردي، وله تصانيف كثيرة منها، الحاوي المشهور، وعمره ست وثمانون سنة، أخذ الفقه عن أبي حامد الإسفراييني وغيره ومن مصنفاته تفسير القرآن والنكت والعيون والأحكام السلطانية وقانون الوزارة، والماوردي نسبة إلى بيع ماء الورد. وفيها كانت زلزلة عظيمة لبثت ساعة بالعراق والموصل، فخربت كثيراً وهلك فيها الجم الغفير.