غير ذلك فيها دخل الصليحي صاحب اليمن إلى مكة مالكاً لها، فأحسن السيرة، وجلب إليها الأقوات، وفيها كان بالشام زلزلة عظيمة خرب بها كثير من البلاد، وانهدم بها سور طرابلس. وفيها ولي أمير الجيوش بدر مدينة دمشق للمستنصر العلوي خليفة مصر، ثم ثار به الجند ففارقها. وفيها توفي سعيد بن نصر الدولة أحمد بن مروان صاحب آمد من ديار بكر.
ثم دخلت سنة ست وخسمين وأربعمائة القبض على الوزير عميد الملك وقتله
في هذه السنة قبض السلطان ألب أرسلان على الوزير عميد الملك أبي نصر منصور بن محمد الكندري، وزير عمه طغريل بك، بسبب سعي نظام الملك وزير ألب أرسلان به، فقبض ألب أرسلان على عميد الملك وحبسه في مروروز، فلما مضى على عميد الملك في الحبس سنة، أرسل ألب أرسلان إليه غلامين ليقتلا فدخل عميد الملك ورع أهله وصلى ركعتين وخرق خرقه من طرف كمه وعصب عينيه بها، فقتلاه بالسيف وقطع رأسه وحملت جثته إلى كندر فدفن عند أبيه، وكان عمره نيفاً وأربعين سنة، وكان عميد الملك خصياً. لأن طغريل بك أرسله ليخطب له امرأة فتزوجها عميد الملك، فخصاه طغريل بك لذلك، وكان عميد الملك كثير الوقيعة في الشافعي، حتى خاطب طغريل بك في لعن الرافضة على منابر خراسان، فأمر له بذلك فأمر بلعنهم، وأضاف إليهم الأشعرية، فأنف من ذلك أئمة خراسان، منهم أبو القاسم القشيري وأبو المعالي الجويني، وأقام بمكة أربع سنين ولهذا لقب إمام الحرمين، ومن العجب أن ذكر عبد الملك ومخاصيه، دفن بخوارم لما خصي، ودمه سفح بمرو، وجسده دفن بكندر، ورأسه ما عدا قحفه دفن بنيسابور، ونقل قحفه إلى كرمان لأن نظام الملك كان هناك.
غير ذلك في هذه السنة ملك ألب أرسلان قلعة ختلان، ثم سار إلى هراة فحاصر عمه بيغو بن ميكائيل بن سلجوق بها، وملكها وأخرج عمه، ثم أحسن إليه وأكرمه، ثم سار إلى صغائيان فملكها أيضاً بالسيف، وكان اسم صاحبها موسى، فأخذ أسيراً وفي هذه السنة أمر ألب أرسلان بعود بنت الخليفة القائم إلى بغداد وكانت قد سارت إلى طغريل بك إلى الري بغير رضى الخليفة. وفيه هذه السنة عصى قطلومش بن أرسلان بن سلجوق على ألب أرسلان، فأرسل إليه ونهاه عن ذلك وعرفه أنه يرعى له القرابة والرحم، فلم يلتفت قطلومش إلى ذلك، فسار إليه ألب أرسلان إلى قرب الري، والتقى العسكران واقتتلوا فانهزم عسكر قطلومش وهرب إلى جهة قلعة كردكوه، فلما انقضى القتال وجد قطلومش ميتاً، قيل إنه