للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتهاد المطلق، لأن أركانه كانت حاصلة له، ثم عاد إلى اللائق وتقليد الإمام الشافعي، لعلمه أن منصب الاجتهاد قد مضت سنوه.

ثم دخلت سنة تسع وسبعين وأربعمائة قتل سليمان بن قطلومش لما قتل سليمان مسلم بن قريش في سنة ثمان وسبعين، على ما ذكرناه في سنة سبع وسبعين، أرسل سليمان إلى ابن الحبيبي العباسي مقدم أهل حلب، يطلب تسليم حلب، فاستمهله إلى أن يكاتب السلطان ملكشاه، وأرسل ابن الحبيبي، استدعى تنش صاحب دمشق بن السلطان ألب أرسلان، أخا السلطان ملكشاه، فسار تنش إلى حلب، وكان مع تنش أرتق بن أكسك، وقد فارق خدمة ملكشاه، خوفاً من إطلاق مسلم بن قريش من آمد، على ما قدمنا ذكره، وجرت الحرب بين تنش وابن سليمان بن قطلومش فانهزم عسكر سليمان، وثبت سليمان، فقيل إن سليمان انهزم عسكره، أخرج سكيناً وقتل نفسه، وقيل بل قتل في المعركة، وكان سليمان قد أرسل جثة مسلم بن قريش على بغل، ملفوفة في إزار إلى حلب، ليسلموها إليه في السنة الماضية، في سادس صفر، فأرسل تنش جثة سليمان في هذه السنة في سادس صفر ملفوفة في إزار إلى حلب، ليسلموها إليه، فأجابه ابن الحبيبي بالمماطلة، إلى أن يرد مرسوم ملكشاه في أمر حلب بما يراه، فحاصر تنش حلب وضيق على أهلها وملكها، فاستجار ابن الحبيبي بالأمير أرتق بن أكسك، فأجاره، وأما قلعة حلب فكان بها منذ قتل مسلم بن قريش، سالم بن مالك بن بدارن بن المقلد بن المسيب، العقيلي، وهو ابن عم شرف الدولة مسلم بن قريش، فحاصر تنش سبعة عشر يوماً فبلغه وصول مقدمة أخيه السلطان ملكشاه.

وصول السلطان ملكشاه إلى حلب

كان ابن الحبيبي قد كاتب السلطان في أمر حلب، فسار إليها من أصفهان، في جمادى الآخرة، فملك في طريقه حرّان، وأقطعها لمحمد بن شرف الدولة مسلم بن، قريش وسار إلى الرها، وهي بيد الروم من حين اشتروها من ابن عطير، كما قدمنا ذكره فحصرها وملكها، وسار إلى قلعة جعبر، واسمها الدوسرية، ثم عرفت بقلعة جعبر لطول مدة ملك جعبر لها، وبها صاحبها سابق الدين جعبر القشير المذكور، وهو شيخ أعمى فأمسكه وأمسك ولديه، وكانا يقطعان الطريق ويخيفان السبيل، ثم صار إلى منبج فملكها، وسار إلى حلب فلما قاربها رحل أخوه تنش عن حلب على البرية، وتوجه إلى دمشق، ووصل السلطان إلى حلب وتسلمها، وتسلم القلعة من سالم بن مالك بن بدران العقيلي، على أن يعوضه بقلعة جعبر، فسلم السلطان إليه قلعة جعبر، فبقيت بيده ويد أولاده، إلى أن أخذها منهم نور الدين محمود بن زنكي، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. ولما نزل السلطان ملكشاه بحلب، أرسل إليه الأمير نصر

<<  <  ج: ص:  >  >>