ملوك ديار بكر، وكان قد كثر ظلمهم لأهل خلاط واتفقوا معه، فسار إليهم سكمان وفتحوا له باب خلاط، وسلموها إليه، وهرب عنها بنو مروان في هذه السنة، واستمر سكمان القطبي مالكاً لخلاط حتى توفي في سنة ست وخمسمائة، وملك خلاط بعده ولده ظهير الدين إبراهيم بن سكمان على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة أربع وتسعين وأربعمائة ذكر الحرب بين الأخوين بركيارق ومحمد قد تقدم ذكر هزيمة بركيارق من أخيه محمد، ثم قتال بركيارق مع أخيه سنجر بخراسان، وهزيمة بركيارق أيضاً، فلما انهزم بركيارق صار إلى خورستان واجتمع عليه أصحابه، ثم أتى عسكر مكرم وكثر جمعه، ثم سار إلى همذان فلحق به الأمير إياز ومعه خمسة آلاف فارس، وسار أخوه محمد إلى قتاله، واقتتلوا ثالث جمادى الآخرة من هذه السنة، وهو المصاف الثاني، واشتد القتال بينهم طول النهار، فانهزم محمد وعسكره، وأسر مؤيد الملك بن نظام الملك وزير محمد، وأحضر إلى السلطان بركيارق فوافقه على ما جرى منه في حق والدته، وقتله السلطان بركيارق بيده، وكان عمر مؤيد الملك لما قتل قريب خمسين سنة، ثم سار السلطان بركيارق إلى الري، وأما محمد فإنه هرب إلى خراسان واجتمع بأخيه سنجر وتحالفا واتفقا، وجمعا الجموع وقصدا أخاهما بركيارق، وكان بالري، فلما بلغه جمعهما سار من الري إلى بغداد وضاقت الأموال على بركيارق، فطلب من الخليفة مالاً، وترددت الرسل بينهما، فحمل الخليفة إليه خمسين ألف دينار، ومد بركيارق يده إلى أموال الرعية، ومرض وقوي به المرض، وأما محمد وسنجر فإنهما استوليا على بلاد أخيهما بركيارق وسارا في طلبه حتى وصلا إلى بغداد، وبركيارق مريض، وقد أيس منه، فتحول إلى الجانب الغربي محمولاً، ثم وجد خفة فسار عن بغداد إلى جهة واسط، ووصل السلطان محمد وأخوه سنجر إلى بغداد فشكى الخليفة المستظهر إليهما سوء سيرة بركيارق، وخطب لمحمد، ثم كان منهم ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر ملك ابن عمار مدينة جبل
كان قد استولى على جبلة القاضي أبو محمد عبيد الله بن منصور المعروف بابن صليحة، وحاصره الفرنج بها، فأرسل إلى طغتكين أتابك دقاق صاحب دمشق يطلب منه أن يرسل إليه من يتسلم منه جبلة ويحفظها، فأرسل إليها طغتكين ابنه تاج الملوك توري، فتسلم جبلة وأساء السيرة في أهلها، فكاتب أهل جبلة أبا علي ابن محمد بن عمار صاحب طرابلس، وشكوا إليه ما يفعله توري بهم، فأرسل إليهم عسكراً فاجتمعوا وقاتلوا توري فانهزم أصحابه، وملك عسكر ابن عمار جبلة، وأخذ توري أسيراً وحملوه إلى طرابلس، فأحسن إليه