رضوان المذكور، ولقبه الملك الأفضل، وهو أول وزير للمصريين لقب بالملك. ثم إنه فسد ما بين رضوان والحافظ، فهرب رضوان وجرى له أمور يطول شرحها، آخرها أن الحافظ قتل رضوان المذكور، ولم يستوزر بعده أحداً، وباشر الأمور بنفسه إلى أن مات.
حصر زنكي حمص ورحيله إلى بارين وفتحها في هذه السنة نزل عماد الدين زنكي حمص، وبها صاحبها معين الدين أتز فلم يظفر بها، فرحل عنها في العشرين من شوال إلى بعرين، وحصر قلعتها، وهي للفرنج، وضيق عليها، فجمع الفرنج ملوكهم ورجالهم وساروا إلى زنكي ليرحلوه عن بعرين، فلما وصلوا إليه لقيهم وجرى بينهم قتال شديد، فانهزمت الفرنج، ودخل كثير من ملوكهم لما هربوا إلى حصن بعرين، وعاود عماد الدين زنكي حصار الحصن وضيق عليه، وطلب الفرنج الأمان، فقرر عليهم تسليم حصن بعرين وخمسين ألف دينار يحملونها إليه، فأجابوا إلى ذلك، فأطلقهم وتسلم الحصن وخمسين ألف دينار.
وكان زنكي في مدة مقامه على حصار بعرين قد فتح المعرة وكفر طاب وأخذهما من الفرنج. وحضر أهل المعرة وطلبوا تسليم أملاكهم التي كان قد أخذها الفرنج، فطلب زنكي منهم كتب أملاكهم، فذكروا أنها عدمت، فكشف من ديوان حلب عن الخراج، وأفرج عن كل ملك كان عليه الخراج لأصحابه.
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
ملك عماد الدين زنكي حمص وغيرها في هذه السنة في المحرم، وصل زنكي حماة وسار منها إلى بقاع بعلبك، فملك حصن المجدل، وكان لصاحب دمشق، وراسله مستحفظ بانياس وأطاعه، وسار إلى حمص وحصرها. ثم رحل عنها إلى سلمية بسبب نزول الروم على حلب، على ما نذكره. ثم عاد إلى منازلة حمص فسلمت إليه المدينة والقلعة.
وأرسل عماد الدين زنكي وخطب أم شهاب الدين محمود، صاحب دمشق، وتوجها واسمها مردخاتون بنت جاولي، وهي التي قتلت ابنها شمس الملوك إسماعيل بن توري، وهي التي بنت المدرسة المطلة على وادي الشقرا بظاهر دمشق، وحملت الخاتون إلى عماد الدين في رمضان، وإنما تزوجها طمعاً على الاستيلاء على دمشق، لما رأى من تحكمها، فلما خاب ما أمله ولم يحصل على شيء، أعرض عنها.
وصول ملك الروم إلى الشام وما فعله كان قد خرج ملك الروم متجهزاً من بلاده في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، فاشتغل بقتال الأرمن وصاحب أنطاكية وغيره من الفرنج، فلما دخلت هذه السنة، وصل إلى الشام وسار إلى بزاعة وهي على ستة فراسخ من حلب، وحاصرها وملكها بالأمان في الخامس