ملكشاه بن السلطان محمود السلجوقي قم وقاشان ونهبهما، وكان أخوه السلطان محمد بن محمود، بعد رحيله عن حصار بغداد، قد مرض، فطال مرضه، فأرسل إلى أخيه ملكشاه أن يكف عن النهب، ويجعله ولي عهده، فلم يقبل ملكشاه ذلك، ثم سار ملكشاه إلى خورشان واستولى عليها، وأخذها من صاحبها شملة التركماني.
وفي هذه السنة توفي يحيى بن سلامة بن الحسن، بميافارقين، الحصكفي الشاعر وكان يتشيع. ومن شعره:
وخليع بتُّ أعذله ... ويرى عذلي من العبث
قلت إن الخمر مخبثة ... قال حاشاها من الخبث
قلت فالأرفاث تتبعها ... قال طيب العيش في الرفث
قلت منها القيء قال أجل ... شرفت عن مخرج الخبث
وسأسلوها، فقلت متى؟ قال عند الكون في الجدث ثم دخلت سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
ذكر فتح المهدية
في أواخر هذه السنة، نزل عبد المؤمن على مدينة المهدية، وأخذها من الفرنج يوم عاشورا، سنة خمسين وخمسمائة، وملك جميع إفريقية، وكان قد ملك الفرنج المهدية في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وأخذوها من صاحبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم الصنهاجي، وبقيت في أيديهم إلى هذه السنة، ففتحه عبد المؤمن، فكان ملك الفرنج المهدية اثنتي عشرة سنة تقريباً، ولما ملكها عبد المؤمن، أصلح أحوالها، واستعمل عليها بعض أصحابه، وجعل معه الحسن بن علي الصنهاجي، الذي كان صاحبها، وكان قد سار إلى بني حماد ملوك بجاية، ثم اتصل بعبد المؤمن حسبما تقدم ذكر ذلك، فأقام عنده مكرماً إلى هذه السنة، فأعاده عبد المؤمن إلى المهدية، وأعطاه بها دوراً نفيسة وإقطاعاً، ثم رحل عبد المؤمن عنها إلى الغرب.
ذكر وفاة السلطان محمد وفي هذه السنة، وقيل في سنة خمس وخمسين، توفي السلطان محمد بن محمود بن محمد بن ملكشاه. السلجوقي، في ذي الحجة، وهو الذي حاصر بغداد، ولما عاد عنها لحقه سل، وطال به فمات بباب همدان، وكان مولده في ربيع الآخر سنة اثنين وعشرين وخمسمائة، وكان كريماً عاقلاً، وخلف ولداً صغيراً، ولما حضره الموت، سلم ولده إلى أقسنقر الأحمديلي وقال: أنا أعلم أن العساكر لا تطيع مثل هذا الطفل، فهو وديعة عندك، فارحل به إلى بلادك. فرحل به أقسنقر إلى بلدة مرأغا. ولما مات السلطان محمد، اختلفت الأمراء، فطائفة طلبوا ملكشاه أخاه، وطائفة طلبوا سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه بن