ألب أرسلان، الذي كان قد اعتقل في الموصل، وهم الأكثر، ومنهم من طلب أرسلان بن طغريل، الذي كان مع الدكز. وبعد موت محمد سار أخوه ملكشاه إلى أصفهان فملكها.
ذكر مرض نور الدين وفي هذه السنة مرض نور الدين بن زنكي مرضاً شديداً، أرجف بموته، وكان بقلعة حلب، فجمع أخوه أمير ميران بن زنكي جمعاً وحصر قلعة حلب، وكان شيركوه بحمص، وهو من أكبر أمراء نور الدين، فسار إلى دمشق ليستولي عليها، وبها أخوه نجم الدين أيوب، فأنكر عليه أيوب ذلك وقال: أهلكتنا، والمصلحة أن تعود إلى حلب، فإن كان نور الدين حياً، خدمته في هذا الوقت، وإن كان قد مات، فإنا في دمشق نفعل ما تريد من ملكها. فعاد شيركوه إلى حلب مجداً، وجلس نور الدين في شباك يراه الناس، فلما رأوه حياً تفرقوا عن أخيه أمير ميران، واستقامت الأحوال ذكر أخبار اليمن من تاريخ اليمن لعمارة وفي هذه السنة استقر في ملك اليمن علي بن مهدي، وأزال ملك بني نجاح، على ما قدمنا ذكره في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وعلي بن مهدي المذكور، من حمير من أهل قرية يقال لها الغبرة، من سواحل زبيد، كان أبوه مهدي المذكور، رجلاً صالحاً، ونشأ ابنه على طريقة أبيه في العزلة والتمسك بالصلاح، ثم حج، واجتمع بالعراقيين، وتضلع من معارفهم، ثم صار علي بن مهدي المذكور واعظاً، وكان فصيحاً صبيحاً حسن الصوت، عالماً بالتفسير، غزير المحفوظات، وكان يتحدث في شيء من أحوال المستقبل، فيصدق، فمالت إليه القلوب، واستفحل أمره، وصار له جموع، فقصد الجبال وأقام بها إلى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. ثم عاد إلى أملاكه، وكان يقول في وعظه: أيها الناس، دنا الوقت، أزف الأمر، كأنكم بما أقول لكم وقد رأيتموه عياناً. ثم عاد إلى الجبال إلى حصن يقال له الشرف، وهو لبطن من خولان، فأطاعوه وسماهم الأنصار، وسمى كل من صعد معه من تهامة، المهاجرين، وأقام على خولان رجلاً اسمه سبأ، وعلى المهاجرين رجلاً اسمه التويتي، وسمى كلا من الرجلين شيخ الإسلام، وجعلهما نقيبين على الطائفتين فلا يخاطبه أحد غيرهما، وهما يوصلان كلامه إلى الطائفتين، وكلام الطائفتين وحوائجهما إليه، وأخذ يغادي الغارات ويراوحها على التهايم، حتى أخلى البوادي، وقطع الحرث والقوافل.
ثم إنه حاصر زبيد، واستمر مقيماً عليها حتى قتل فاتك بن محمد، آخر ملوك بني نجاح، قتله عبيدة، وجرى بين ابن مهدي وعبيد فاتك حروب كثيرة، وآخرها أن ابن مهدي انتصر عليهم، وملك زبيد، واستقر في دار الملك يوم الجمعة، رابع عشر رجب من هذه السنة،