للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الصلح، على مال يحملونه إلى شيركوه، ويسلم إليهم الإسكندرية، ويعود إلى الشام، فتسلم المصريون الإسكندرية في منتصف شوال من هذه السنة، وسار شيركوه إلى الشام، فوصل إلى دمشق في ثامن عشر ذي القعدة، واستقر الصلح بين الفرنج والمصريين، على أن يكون للفرنج بالقاهرة شحنة وتكون أبوابها بيد فرسانهم، ويكون لهم من دخل مصر كل سنة مائة ألف دينار.

وفي هذه السنة، فتح نور الدين صافيتا والغربية. وفيها عصا غازي بن حسان صاحب منبج، على نور الدين بمنبج، فسير إليه نور الدين عسكراً وأخذوا منه منبج، ثم أقطع نور الدين منبج، قطب الدين ينال بن حسان، أخا غازي المذكور، فبقي فيها إلى أن أخذها منه صلاح الدين يوسف بن أيوب، سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.

وفيها توفي فخر الدين قرا أرسلان بن داود بن سقمان بن أرتق، صاحب حصن كيفا، وملك بعده ولده نور الدين محمود بن قرا أرسلان بن داود. وفيها توفي عبد الكريم أبو سعيد بن محمد بن منصور بن أبو بكر المظفر السمعاني المروزي، الفقيه الشافعي، وكان مكثراً من سماع الحديث، سافر في طلبه إلى ما وراء النهر، وسمع منه ما لم يسمعه غيره، وله التصانيف المشهورة الحسنة، منها: ذيل تاريخ بغداد، وتاريخ مدينة مرو، وكتاب الأنساب، في ثمان مجلدات. وقد اختصر كتاب الأنساب المذكور، الشيخ عز الدين علي بن الأثير، في ثلاث مجلدات، والمختصر المذكور، هو الموجود في أيدي الناس، والأصل قليل الوجود، وله غير ذلك، وقد جمع مشيخته، فزادت عدتهم على أربعة آلاف شيخ، وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي، فأوقع فيه، فمن جملة قوله فيه: أنه كان يأخذ الشيخ ببغداد، ويعبر به إلى فوق نهر عيسى، ويقول حدثني فلان بما وراء النهر، هذا بارد جداً، لأن السمعاني المذكور، سافر إلى ما وراء النهر حقاً، فأي حاجة إلى هذا التدليس، وإنما ذنبه عند ابن الجوزي، أنه شافعي، وله أسوة بغيره، فإن ابن الجوزي، لم يبق على أحد غير الحنابلة، وكانت ولادة أبي سعيد السمعاني المذكور، في شعبان سنة ست وخمسمائة، وكان أبوه وجده فاضلين، والسمعاني منسوب إلى سمعان، وهو بطن من تميم.

ثم دخلت سنة ثلاث وستين وخمسمائة في هذه السنة فارق زين الدين علي كجك بن بكتكين، نائب قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، خدمه قطب الدين، واستقر بإربل، وكانت في إقطاع زين الدين علي المذكور وكانت له إربل مع غيرها، فاقتصر على إربل وسكنها، وسلم ما كان بيده من البلاد إلى قطب الدين مودود، وكان زين الدين علي المذكور، قد عمي وطرش.

ثم دخلت سنة أربع وستين وخمسمائة.

ذكر ملك نور الدين قلعة جعبر

في هذه السنة ملك نور الدين محمود قلعه جعبر، وأخذها من صاحبها شهاب الدين مالك بن علي بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن المقلد بن المسيب العقيلي، وكانت بأيديهم من أيام السلطان ملكشاه، ولم يقدر نور الدين على أخذها، إلا بعد أن أسر صاحبها مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>