للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاور، وأعلماه برواح شيركوه إلى زيارة الشافعي، فساروا جميعاً إلى شيركوه، فوثب صلاح الدين وجرديك ومن معهما على شاور، وألقوه إلى الأرض عن فرسه، وأمسكوه في سابع ربيع الآخر من هذه السنة، أعني سنة أربع وستين وخمسمائة، فهرب أصحابه عنه، وأرسلوا أعلموا شيركوه بما فعلوه، فحضر ولم يمكنه إلا إتمام ذلك.

وسمع العاضد الخبر، فأرسل إلى شيركوه يطلب منه إنفاذ رأس شاور، فقتله وأرسل رأسه إلى العاضد، دخل بعد ذلك شيركوه إلى القصر عند العاضد، فخلع عليه العاضد خلع الوزارة، ولقبه الملك المنصور، أمير الجيوش، وسار بالخلع إلى دار الوزارة، وهي التي كان فيها شاور، واستقر في الأمر، وكتب له منشور بالإنشاء الفاضلي، أوله بعد البسملة: من عبد الله ووليه أبي محمد، الإمام العاضد لدين الله، أمير المؤمنين، إلى السيد الأجل الملك المنصور، سلطان الجيوش، ولي الأئمة، مجير الأمة، أسد الدين أبي الحارث شيركوه العاضدي، عضد الله به الدين، وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين، وأدام قدرته، وأعلى كلمته. سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو، ونسأله أن يصلي على محمد خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وعلى آله الطاهرين، والأئمة المهديين، سلم تسليماً. ثم ذكر تفويض أمور الخلافة إليه، ووصايا أضربنا عنها للاختصار، وكتب العاضد بخطه على طرة المنشور، هذا عهد لم يعهد لوزير بمثله، فتقلد أمانة رآك أمير المؤمنين أهلاً لحملها، فخذ كتاب أمير المؤمنين بقوة، واسحب ذيل الفخار، بأن اعتزت خدمتك إلى بنوة النبرة، مدحت الشعراء أسد الدين، ووصل إليه من الشام مديح لعماد الكاتب، قصيدة أولها:

بالجد أدركت ما أدركت لا اللعب ... كم راحة جنيت من دوحة التعب

يا شيركوه بن شاذي الملك دعوة من ... نادي فعرف خير ابن لخير أب

جرى الملوك وما حازوا بركضهم ... من المدى في العلى ما حزت بالخبب

تمل من ملك مصر رتبة قصرت ... عنها الملوك فطالت سائر الرتب

قد أمكنت أسد الدين الفريسة من ... فتح البلاد فبادر نحوها وثب

وفي شيركوه وقتل شاور يقول عرقلة الدمشقي:

لقد فاز بالملك العقيم خليفة ... له شيركوه العاضدي وزير

هو الأسد الضاري الذي جل خطبه ... وشاور كلب للرجال عقور

بغى وطغى حتى لقد قال صحبه ... على مثلها كان اللعين يدور

فلا رحم الرحمن تربة قبره ... ولا زال فيها منكر ونكير

وأما الكامل بن شاور، فلما قتل أبوه دخل القصر، فكان آخر العهد به، ولما لم يبق لأسد الدين شيركوه منازع، أتاه أجله " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة " الأنعام: ١٤٤، وتوفي يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>