أطسز بن محمد بن أنوش تكين، وكان قد عاد من قتال الخطا مريضاً، ولما مات ملك بعده ابنه الصغير سلطان شاه محمود، ودبرت والدته المملكة، وكان ابنه الأكبر علاء الدين تكين مقيماً في جند قد أقطعه أبوه إياها، فلما بلغه موت أبيه، وولاية أخيه الصغير، أنف من ذلك واستنجد بالخطا، وسار إلى خيه سلطان شاه وطرده، ثم إن سلطان شاه، قصد ملوك الأطراف، واستنجدهم على أخيه تكش وطرده، وكانت الحرب بينهم سجالاً حتى مات سلطان شاه، في سنة تسع وثمانين وخمسمائة، واستقر في ملك خوارزم أخوه تكش بن أرسلان، وفي تلك الحروب بين الأخوين، قتل المؤيد أي به، قتله تكش صبراً، وملك بعده ابنه طغانشاه ابن المؤيد أي به.
وفي هذه السنة سار شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخو صلاح الدين الأكبر من مصرالى النوبة، للتغلب عليها، فلم تعجبه تلك البلاد، فغنم وعاد إلى مصر.
وفي هذه السنة توفي شمس الدين الدكز بهمذان، وملك بعده ابنه محمد البهلوان، ولم يختلف عليه أحد، وكان الدكز هذا مملوكاً للكمال السميري وزير السلطان محمود، ثم صار للسلطان محمود، فلما ولي السلطان مسعود، ولاه وكبره حتى صار ملك أذربيجان وغيرها من بلاد الجبل، وأصفهان والري، وكان عسكره خمسين ألف فارس، وكان يخطب في بلاده بالسلطنة للسلطان أرسلان بن طغريل، ولم يكن لأرسلان معه حكم، وكان الدكز حسن السيرة.
وفي هذه السنة سار طائفة من الترك من ديار مصر، مع مملوك لتقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، اسمه قراقوش، إلى إفريقية، ونزلوا على طرابلس الغرب فحاصرها مدة، ثم فتحها واستولى عليها قراقوش المذكور، وملك كثيراً من بلاد إفريقية.
وفيها غزا أبو يعقوب بن عبد المؤمن بلاد الفرنج في الأندلس. وفيها سار نور الدين محمود بن زنكي إلى بلاد قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان، واستولى على مرعش، وبهنسا، ومرزبان، وسيواس، فأرسل إليه قليج أرسلان يستعطفه ويطلب الصلح، فقال نور الدين: لا أرضى إلا بأن ترد ملطية على ذي النون ابن الدانشمند، وكان قليج أرسلان قد أخذها منه، فبذل له سيواس واصطلح معه نور الدين، فلما مات نور الدين، عاد قليج أرسلان واستولى على سيواس وطرد ابن الدانشمند.
وفيها سار صلاح الدين من مصر إلى الكرك:، وحصرها، وكان قد واعد نور الدين أن يجتمعا على الكرك، وسار نور الدين من دمشق حتى وصل إلى الرقيم، وهو بالقرب من الكرك، فخاف صلاح الدين من الاجتماع بنور الدين، فرحل صلاح الدين عن الكرك عائداً إلى مصر، وأرسل تحفاً إلى نور الدين، واعتذر أن أباه أيوب مريض، ويخشى أن يموت فتذهب مصر، فقبل نور الدين عذره في الظاهر، وعلم المقصود، ولما وصل صلاح الدين إلى مصر، وجد أباه أيوب قد مات، وكان سبب موت نجم الدين أيوب بن شاذي المذكور، أنه ركب بمصر، فنفرت