للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به فرسه فوقع، وحمل إلى قصره، وبقي أياماً ومات في السابع والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة؟ وكان أيوب خبيراً عاقلاً حسن السيرة، كريماً كثير الإحسان.

وفيها توفي أبو نزار حسن بن أبي الحسن صافي بن عبد الله بن نزار النحوي، وقد ناهز الثمانين، وهو المعروف بملك النحاة، وبرع في النحو حتى فاق فيه أهل طبقته، وكان معجباً بنفسه، ولقب نفسه بملك النحاة، وكان يسخط على من يخاطبه بغير ذلك، وقرأ الفقه على مذهب الشافعي، وكذلك قرأ الأصولين والخلاف، وسافر إلى خراسان وكرمان وغزنة، ثم رحل إلى الشام، واستوطن دمشق.

ثم دخلت سنة تسع وستين وخمسمائة.

ذكر ملك شمس الدولة توران شاه بن أيوب اليمن كان صلاح الدين وأهله، خائفين من نور الدين، فاتفق رأيهم على تحصيل مملكة غير مصر، بحيث إن قصدهم نور الدين قاتلوه، فإن هزمهم التجأوا إلى تلك المملكة، فجهز صلاح الدين أخاه توران شاه إلى النوبة، فلم تعجبهم بلادها، ثم سيره في هذه السنة بعسكر إلى اليمن، وكان صاحب اليمن حينئذ إنساناً يسمى عبد النبي، المقدم الذكر في سنة أربع وخمسين وخمسمائة، فتجهز توران شاه ووصل إلى اليمن، وجرى بينه وبين عبد النبي قتال، فانتصر توران شاه وهزم عبد النبي، وهجم زبيد وملكها، وأسر عبد النبي، ثم قصد عدن، وكان صاحبها إنساناً اسمه ياسر، فخرج لقتال توران شاه، فهزمه توران شاه، وهجم عدن وملكها، وأسر ياسر أيضاً، واستولى توران شاه على بلاد اليمن، واستقرت في ملك صلاح الدين، واستولى على أموال عظيمة لعبد النبي، وكذلك من عدن.

ذكر قتل جماعة من المصريين وعمارة اليمني في هذه السنة في رمضان، صلب صلاح الدين جماعة من أعيان المصريين، فإنهم قصدوا الوثوب عليه، وإعادة الدولة العلوية، فعلم بهم وصلبهم عن آخرهم، فمنهم عبد الصمد الكاتب، والقاضي العويرس، وداعي الدعاة، وعمارة بما علي اليمني، الشاعر الفقيه، وله أشعار حسنة، فمنها ما يتعلق بأحوال العلويين، وانقراض دولتهم، قوله قصيدة منها:

رميت يا دهر كف المجد بالشلل ... وجيده بعد حسن الحلي بالعطل

جدعت ما رنك الأقني فأنفك لا ... ينفك ما بين أمر الشين والخجل

لهفي ولهف بني الآمال قاطبةً ... على فجيعتها في أكرم الدول

يا عاذلي في هوى أنباء فاطمة ... لك الملامة إن أقصرت في عذل

بالله زر ساحة القصرين وابك معي ... عليهما لا على صفين والجمل

وقل لأهلهما والله لا التحمت ... فيكم جروحي ولا قرحي بمندمل

ماذا ترى كانت الإفرنج فاعلةً ... في نسل آل أمير المؤمنين علي

<<  <  ج: ص:  >  >>