للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسار جرديك إلى حلب برسالة صلاح الدين، واستخلف في قلعة حماة أخاه، فلما وصل جرديك إلى حلب، قبض عليه كمشتكين وسجنه، فلما علم أخوه بذلك، سلم قلعة حماة إلى صلاح الدين فملكها، ثم سار صلاح الدين إلى حلب وحصرها، وبها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، فجمع أهل حلب وقاتلوا صلاح الدين، وصدوه عن حلب، وأرسل سعد الدين كمشتكين إلى سنان مقدم الإسماعيلية أموالاً عظيمة، ليقتلوا صلاح الدين، فأرسل سنان جماعة، فوثبوا على صلاح الدين فقتلوا دونه، واستمر صلاح الدين محاصراً لحلب إلى مستهل رجب، ورحل عنها بسبب نزول الفرنج على حمص، ووصل صلاح الدين إلى حماة ثامن رجب، وسار إلى حمص، فرحل الفرنج عنها، ووصل صلاح الدين إلى حمص وحصر قلعتها، وملكها في الحادي والعشرين من شعبان، من هذه السنة.

ثم سار إلى بعلبك فملكها، ولما استقر ملك صلاح الدين لهذه البلاد، أرسل الملك الصالح إلى ابن عمه سيف الدين غازي، صاحب الموصل، يستنجده على صلاح الدين، فجهز جيشه صحبة أخيه عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي، وجعل مقدم الجيش أكبر أمرائه، وهو عز الدين محمود، ولقبه سلقندار، وطلب أخاه الأكبر عماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار، ليسير في النجدة أيضاً فامتنع، مصانعة لصلاح الدين، فسار سيف الدين غازي وحصره بسنجار، ووصل عسكر الموصل صحبة مسعود بن مودود وسلقندار إلى حلب، وانضم إليهم عسكر حلب، وساروا إلى صلاح الدين، فأرسل صلاح الدين ببذل حمص وحماة، وأن تقر بيده دمشق، وأن يكون فيها نائباً للملك الصالح، فلم يجيبوا إلى ذلك، وساروا إلى قتاله، واقتتلوا عند قرون حماة، فانهزم عسكر الموصل وحلب، وغنم صلاح الدين وعسكره أموالهم، وتبعهم صلاح الدين حتى حصرهم في حلب، وقطع صلاح الدين حينئذ خطبة الملك الصالح بن نور الدين، وأزال اسمه عن السكة، واستبد بالسلطنة، فراسلوا صلاح الدين في الصلح، على أن يكون له ما بيده من الشام، وللملك الصالح ما. بقي بيده منه، فصالحهم على ذلك ورحل عن حلب، في العشر الأول من شوال من هذه السنة، أعني سنة سبعين وخمسمائة وفي العشر الأخير من شوال من هذه السنة، ملك السلطان صلاح الدين قلعة بارين، وأخذها من صاحبها فخر الدين مسعود بن الزعفراني، وكان فخر الدين المذكور، من أكابر الأمراء النورية.

ذكر غير ذلك من الحوادث في هذه السنة ملك البهلوان بن الدكز مدينة تبريز، وأخذها من ابن أقسنقر الحمديلي وفيها مات شملة التركماني، صاحب خورستان، وملك ابنه بعده. وفيها وقع بين الخليفة وبين قطب الدين قيماز، مقدم عسكر بغداد، فتنة، فنهبت دار قيماز، وهرب إلى الحلة، ثم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>