للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين محمد بن عبد الملك، المعروف بابن المقدم. ولما مات نور الدين، وتملك ابنه الملك الصالح، سار من الموصل، سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي، وملك جميع البلاد الجزرية.

ثم دخلت سنة سبعين وخمسمائة.

ذكر خلاف الكنز بصعيد مصر في أول هذه السنة اجتمع على رجل من أهل الصعيد يقال له الكنز، جمع كثير، أظهر الخلاف على صلاح الدين، فأرسل صلاح الدين إليه عسكراً، فاقتتلوا، وقتل الكنز وجماعة معه، وانهزم الباقون.

ذكر ملك صلاح الدين دمشق وغيرها في هذه السنة سلخ ربيع الأول، ملك صلاح الدين يوسف بن أيوب مدينة دمشق، وحمص، وحماة، وسببه أن شمس الدين ابن الداية المقيم بحلب، أرسل سعد الدين كمشتكين يستدعي الملك الصالح بن نور الدين، من دمشق إلى حلب، ليكون مقامه بها، فسار الملك الصالح إلى حلب مع سعد الدين كمشتكين، ولما استقر بحلب وتمكن كمشتكين، قبض على شمس الدين ابن الداية وإخوته، وقبض على الرئيس ابن الخشاب وإخوته، وهو رئيس حلب، واستبد سعد الدين بتدبير الملك الصالح، فخافه ابن المقدم، وغيره من الأمراء الذين بدمشق، وكاتبوا صلاح الدين بن أيوب صاحب مصر، واستدعوه ليملكوه عليهم، فسار صلاح الدين جريدة في سبعمائة فارس، ولم يلبث، ووصل إلى دمشق، فخرج كل من كان بها من العسكر، والتقوه وخدموه، ونزل بدار والده أيوب، المعروفة بدار العقيقي، وعصت عليه القلعة، وكان فيها من جهة الملك الصالح خادم اسمه ريحان، فراسله صلاح الدين واستماله، فسلم القلعة إليه، فصعد إليها صلاح الدين وأخذ ما فيها من الأموال، ولما ثبت قدمه وقرر أمر دمشق، استخلف بها أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب.

وسار إلى حمص مستهل جمادى الأولى، وكانت حمص وحماة وقلعة بارين وسلمية وتل خالد والرها من بلد الجزيرة، في إقطاع فخر الدين مسعود بن الزعفراني، فلما مات نور الدين، لم يمكن فخر الدين مسعود المقام بحمص وحماه، لسوء سيرته مع الناس، وكانت هذه البلاد له بغير قلاعها، فإن قلاعها كان فيها ولاة لنور الدين، وليس لفخر الدين معهم في القلاع حكم الأبارين، فإن قلعتها كانت له أيضاً، ونزل صلاح الدين على حمص، في حادي عشر جمادى الأولى، وملك المدينة، وعصت عليه القلعة فترك عليها من يضيق عليها، ورحل إلى حماة، فملك مدينتها مستهل جمادى الآخرة من هذه السنة، وكان بقلعتها الأمير عز الدين جرديك، أحد المماليك النورية، فامتنع في القلعة، فذكر له صلاح الدين أنه ليس له غرض سوى حفظ البلاد للملك الصالح إسماعيل، إنما هو نائبه، وقصده من جرديك المسير إلى حلب، في رسالة، فاستحلفه جرديك على ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>