للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

ذكر حصار السلطان صلاح الدين الموصل في هذه السنة حصر السلطان صلاح الدين الموصل، وهو حصاره الثاني، فأرسل إليه عز الدين مسعود صاحب الموصل والدته، وابنة عمه نور الدين محمود بن زنكي، وغيرهما من النساء، وجماعة يطلبون منه ترك الموصل وما بأيديهم، فردهم، واستقبح الناس ذلك من صلاح الدين، لا سيما وفيهن بنت نور الدين محمود، وحاصر الموصل وضايقها، وبلغه وفاة شاهرمن، صاحب أخلاط، في ربيع الآخر من هذه السنة، فسار عن الموصل إلى جهة أخلاط فاستدعى أهلها ليملكها.

ذكر وفاة صاحب حصن كيفا في هذه السنة توفي نور الدين محمد بن قرا أرسلان بن داود، صاحب الحصن، وآمد، وملك بعده ولده سقمان، ولقبه قطب الدين، وكان صغيراً فقام بتدبيره القوام ابن سماقا الأشعردي وحضر سقمان إلى السلطان صلاح الدين وهو نازل على ميافارقين، فأقره على ما كان بيد ولده نور الدين محمد، وأقام معه أميراً من أصحاب أبي سقمان المذكور.

ذكر ملك السلطان صلاح الدين ميافارقين لما سار السلطان عن الموصل إلى أخلاط جعل طريقه على ميافارقين، وكانت لصاحب ماردين الذي توفي، وفيها من حفظها من جهة شاهرمن صاحب أخلاط المتوفي، فحاصرها السلطان وملكها في سلخ جمادى الأولى، ثم إن السلطان رجع عن قصد أخلاط إلى الموصل، فجاءته رسل عز الدين مسعود يسأل في الصلح، واتفق حينئذ أن السلطان صلاح الدين مرض، وسار من كفر زمار عائداً إلى حران، فلحقته رسل صاحب الموصل بالإجابة إلى ما طلب، وهو أن يسلم صاحب الموصل إلى السلطان صلاح الدين شهرزور وأعمالها وولاية القرابلي، وجميع ما وراء الزاب، وأن يخطب للسلطان صلاح الدين على جميع منابر الموصل، وما بيده، وأن يضرب اسمه على الدراهم والدنانير، وتسلم السلطان ذلك واستقر الصلح، وأمنت البلاد، ووصل السلطان إلى حران، وأقام بها مريضاً واشتد به المرض حتى أيسوا منه، ثم إنه عوفي وعاد إلى دمشق في المحرم سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، ولما اشتد مرض السلطان سار ابن عمه محمد بن شيركوه بن شاذي صاحب حمص إلى حمص، وكاتب بعض أكابر دمشق في أن يسلموا إليه دمشق إذا مات السلطان.

ذكر غير ذلك من الحوادث

في هذه السنة ليلة عيد الأضحى، شرب بحمص صاحبها ناصر الدين محمد بن شيركوه

<<  <  ج: ص:  >  >>