بلاد الهند. وفيها قتل الخليفة الناصر أستاذ داره مجد الدين أبا الفضل بن الصاحب، ولم يكن للخليفة معه حكم، وظهر له أموال عظيمة، فأخذت جميعاً.
وفيها استوزر الخليفة الناصر لدين الله، أبا المظفر عبيد الله بن يونس، ولقبه جلال الدين، ومشى أرباب الدولة في ركابه، حتى قاضي القضاة، وكان ابن يونس من جملة الناس، فكان يمشي ويقول لعن الله طول العمر. وفيها توفي قاضي القضاة الدامغاني، وكان قد ولى القضاء للمقتفي.
ثم دخلت سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
ذكر فتوحات السلطان صلاح الدين وغزواته شتى السلطان هذه السنة في عكا، ثم سار بمن معه وقصد كوكب وجعل على حصارها أميراً يقال له قيماز النجمي، وسار منها في ربيع الأول، ودخل دمشق، ففرح الناس بقدومه، وكتب إلى الأطراف باجتماع العساكر، وأقام في دمشق تقدير خمسة أيام، وسار من دمشق في منتصف ربيع الأول من هذه السنة، ونزل على بحيرة مقدس غربي حمص، وأتته العساكر بها، فأولهم عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن أقسنقر صاحب سنجار ونصيبين، ولما تكاملت عساكره رحل ونزل تحت حصن الأكراد، وشن الغارات على بلاد الفرنج، وسار من حصن الأكراد فنزل على أنطرطوس، سادس جمادى الأولى، فوجد الفرنج قد أخلوا أنطرطوس، فسار إلى مرقية، فوجدهم قد أخلوها أيضاً، فسار إلى تحت المرقب، وهو للإستبتار فوجده لا يرام، ولا لأحد فيه مطمع، فسار إلى جبلة ووصل إليها ثامن جمادى الأولى، وتسلمها حالة وصوله، فجعل فيها لحفظها الأمير سابق الدين عثمان بن الدالة صاحب شيزر، ثم سار السلطان إلى اللاذقية، ووصل إليها في الرابع والعشرين من جمادى الأولى، ولها قلعتان، فحصر القلعتين وزحف إليهما، فطلب أهلهما الأمان فأمنهم، وتسلم القلعتين، ولما ملك السلطان اللاذقية سلمها إلى ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أبوب، فعمرها وحصن قلعتها، وكان تقي الدين عظيم الهمة في تحصين القلاع والغرامة عليها، كما فعل بقلعة حماة.
ثم رحل السلطان عن اللاذقية في السابع والعشرين من جمادى الأولى إلى صهيون وحاصرها، وضايقها، فطلب أهلها الأمان فلم يجبهم إلا على أمان أهل القدس، فيما يؤدونه، فأجابوه إلى ذلك، وتسلم السلطان قلعة صهيون وسلمها إلى أمير من أصحابه يقال له ناصر الدين منكورس، صاحب قلعة أبي قبيس. ثم فرق عسكره في تلك الجبال، فملكوا حصن بلادنوس وكان الفرنج الذين به قد هربوا منه وأخلوه، وملكوا حصن العبد وحصن الجماهدبين، ثم سار السلطان من صهيون ثالث جمادى الآخرة، ووصل إلى قلعة بكاس، فأخلاها أهلها وتحصنوا بقلعة الشغر، فحصرها ووجدها منيعة، وضايقها فأرمى الله في قلوب أهلها الرعب وطلبوا الأمان، وتسلمها يوم