للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان العسكر الذين خرجوا منها أضعاف الواصلين إليها. فحصل التفريط بذلك لضعف البدل.

وفيها في ثامن شوال توفي زين الدين يوسف بن زين الدين علي كوجك صاحب أربل وكان مع السلطان في عسكره، ولما توفي أقطع السلطان صلاح الدين أربل أخاه مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين علي كوجك، وأضاف إليه شهرزور وأعمالها، وارتجع ما كان بيد مظفر الدين وهو حران والرها، وسار مظفر الدين إلى أربل وملكها.

وفيها استولى الخليفة الناصر لدين الله على حديثة عانة بعد حصرها مدة. وفيها أقطع السلطان ما كان بيد مظفر الدين وهو حران والرها وسمساط والموزر، الملك المظفر تقي الدين عمر، زيادة على ما بيده، وهو ميافارقين، ومن الشام حماة والمعرة وسلمية ومنبج وقلعة نجم وجبلة واللاذقية وبلاطنس ومكرابيك.

ثم دخلت سنة سبع وثمانين وخمسمائة.

ذكر استيلاء الفرنج على عكا:

واستمر حصار الفرنج لعكا إلى هذه السنة، وكانوا قد أحاطوا بها من البحر إلى البحر، وحفروا عليهم خندقاً، فلم يتمكن السلطان من الوصول إليهم، وكانوا محاصرين لعكا، وهم كالمحصورين من خارجهم من السلطان، واشتد حصارهم لعكا وطال وضعف من بها عن حفظ البلد، وعجز السلطان صلاح الدين عن دفع العدو عنهم، فخرج الأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب من عكا، وطلب الأمان من الفرنج على مال وأسرى يقومون به للفرنج، فأجابوهم إلى ذلك، وصعدت أعلام الفرنج على عكا ظهر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من هذه السنة، واستولوا على البلد بما فيه، وحبسوا المسلمين في أماكن من البلد، وقالوا إنما نحبسهم ليقوموا بالمال والأسرى وصليب الصليوت، وكتبوا إلى السلطان صلاح الدين بذلك، فحصل ما أمكن تحصيله من ذلك، وطلب منهم إطلاق المسلمين، فلم يجيبوا إلى ذلك، فعلم منهم الغدر، واستمر أسرى المسلمين بها.

ثم قتل الفرنج من المسلمين جماعة كثيرة واستمروا بالباقين في الأسر، وبعد استيلاء الفرنج على عكا وتقرير أمرها، رحلوا عنها مستهل شعبان نحو قيسارية، والمسلمون يسايرونهم ويتحفظون منهم، ثم ساروا من قيسارية إلى أرسوف، ووقع بينهم وبين المسلمين مصاف، أزالوا المسلمين عن موقفهم، ووصلوا إلى سوق المسلمين، فقتلوا من السوقية وغيرهم خلقاً كثيراً، ثم سار الفرنج إلى يافا وقد أخلاها المسلمون، فملكوها، ثم رأى السلطان تخريب عسقلان مصلحة، لئلا يحصل لها ما حصل لعكا، فسار إليها وأخلاها وخربها، ورتب الحجارين في تفليق أسوارها وتخريبها، فدكها إلى الأرض، فلما فرغ السلطان من تخريب عسقلان رحل عنها ثاني شهر رمضان إلى الرملة، فخرب حصنها وخرب كنيسة لد.

<<  <  ج: ص:  >  >>