للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنين وثلاثة أشهر. أولها أيلول الموافق لحادي وعشرين من شعبان.

وكانت الهدنة على أن يستقر بيد الفرنج يافا وعملها، وقيسارية وعملها، وأرسوف وعملها، وحيفا وعملها، وعكا وعملها، وأن تكون عسقلان خراباً، واشترط السلطان دخول بلاد الإسماعيلية في عقد هدنته، واشترط الفرنج دخول صاحب أنطاكية وطرابلس في عقد هدنتهم، وأن يكون لد والرملة مناصفة بينهم وبين المسلمين، فاستقرت القاعدة على ذلك.

ثم رحل السلطان إلى القدس في رابع شهر رمضان، وتفقد أحواله وأمر بتشييد أسوار، وزاد في وقف المدرسة التي عملها بالقدس، وهذه المدرسة كانت قبل الإسلام تعرف بصندحنة، يذكرون أن فيها قبر حنة أم مريم، ثم صارت في الإسلام دار علم قبل أن يتملك الفرنج بالقدس، ثم لما ملك الفرنج القدس في سنة اثنين وتسعين وأربعمائة، أعادوها كنيسة كما كانت قبل الإسلام، فلما فتح السلطان القدس أعادها مدرسة، وفوض تدريسها ووقفها إلى القاضي بهاء الدين بن شداد. ولما استقر أمر الهدنة أرسل السلطان مائة حجار لتخريب عسقلان، وأن يخرج من بها من الفرنج، وعزم على الحج والإحرام من القدس، وكتب إلى أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن بذلك، ثم فنده الأمراء وقالوا: لا نعتمد على هدنة الفرنج خوفاً من غدرهم، فانتقض عزمه عن ذلك، ثم رحل السلطان عن القدس لخمس مضين من شوال إلى نابلس، ثم سار إلى بيسان، ثم إلى كوكب، فبات بقلعتهما، ثم رحل إلى طبرية ولقيه بها الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي، وقد خلص من الأسر، وكان قد أسر بعكا لما أخذها الفرنج مع من أسر، فسار قراقوش مع السلطان إلى دمشق، ثم سار منها قراقوش إلى مصر.

ثم سار السلطان إلى بيروت ووصل إلى خدمته بيمند صاحب أنطاكية يوم السبت حادي وعشرين شوال، فأكرمه السلطان وفارقه غد ذلك اليوم، وسار السلطان إلى دمشق ودخلها يوم الأربعاء لخمس بقين من شوال وفرح الناس به لأن غيبته كانت عنهم مدة أربع سنين، وأقام العدل والإحسان بدمشق، وأعطى السلطان العساكر الدستور، فودعه ولده الملك الظاهر وداعاً لا لقاء بعده، وسار إلى حلب، وبقي عند السلطان بدمشق ولده الملك الأفضل، والقاضي الفاضل، وكان الملك العادل قد استأذن السلطان وسار من القدس إلى الكرك لينظر في مصالحه، ثم عاد الملك العادل إلى دمشق طالباً البلاد الشرقية التي صارت له بعد تقي الدين، فوصل إلى دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة، وخرج السلطان إلى لقائه.

وفي يوم الخميس السادس والعشرين من شوال من هذه السنة، توفي الأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب بنابلس، وكانت إقطاعه، فوقف السلطان ثلث نابلس على مصالح القدس، وأقطع الباقي للأمير عماد الدين أحمد بن سيف الدين علي بن المشطوب، وأميرين معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>