ذكر وفاة السلطان عز الدين قليج أرسلان صاحب بلاد الروم وأخبار الذين تولوا بعده في هذه السنة، أعني سنة ثمان وثمانين وخمسمائة في منتصف شعبان، توفي السلطان عز الدين قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطالوش بن أرسلان يبغو بن سلجوق. وكان ملكه في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكان ذا سياسة حسنة، رهيبة عظيمة، وعدل وافر، وغزوات كثيرة، وكان له عشرة بنين، قد ولى كل واحد منهم قطراً من بلاد الروم، وأكبرهم قطب الدين ملكشاه بن قليج أرسلان المذكور، وكان قد أعطاه أبوه سيواس، فسولت له نفسه القبض على أبيه وإخوته والانفراد بالسلطنة، وساعده على ذلك صاحب أرزنكات، فسار قطب الدين ملكشاه وهجم على والده قليج أرسلان بمدينة قونية. وقبض عليه، وقال لوالده وهو في قبضته: أنا بين يديك أنفذ أوامرك. ثم إنه أشهد على والده بأنه قد جعله ولي عهده. ثم مضى ملكشاه المذكور إلى حرب أخيه نور الدين سلطان شاه، صاحب قيسارية، ووالده في القبضة معه، وهو يظهر أن ما يفعله إنما هو بأمر والده، فخرج عسكر قيسارية لحربه، فوجد أبوه عز الدين قليج أرسلان عند اشتغال العسكر بالقتال فرصة، فهرب إلى ولده سلطان شاه صاحب قيسارية، فأكرمه وعظمه كما يجب عليه، فرجع قطب الدين ملكشاه إلى قونية وخطب لنفسه بالسلطنة، وبقي أبوه قليج أرسلان يتردد في بلاده بين أولاده، كلما ضجر منه واحد منهم ينتقل إلى الآخر، حتى حصل عند ولده غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان صاحب برغلو فقوى أباه قليج أرسلان، وأعطاه وجمع له وحشد وسار معه إلى قونية، فملكها وأخذها من ابنه ملكشاه، ثم سار إلى أقصرا، فاتفق أن عز الدين قليج أرسلان مرض ومات في التاريخ المذكور، فأخذه ولده كيخسرو وعاد به إلى قونية فدفنه بها. واتفق موت ملكشاه بعد موت أبيه قليج أرسلان بقليل، فاستقر كيخسرو في ملك قونية وأثبت أنه ولي عهد أبيه قليج أرسلان.
ثم إن ركن الدين سليمان أخا غياث الدين كيخسرو قوي على أخيه كيخسرو، وأخذ منه قونية، فهرب كيخسرو إلى الشام مستجيراً بالملك الظاهر صاحب حلب، ثم مات ركن الدين سليمان سنة ستمائة، وملك بعده ولده قليج أرسلان بن سليمان، فرجع غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان إلى بلاد الروم، وأزال ملك قليج أرسلان بن سليمان وملك بلاد الروم جميعها، واستقرت له السلطنة ببلاد الروم، وبقي كذلك إلى أن قتل، وملك بعده ابنه عز الدين كيكاؤوس بن كيخسرو، ثم توفي كيكاؤوس وملك بعده أخوه السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو، وتوفي علاء الدين كيقباذ سنة أربع وثلاثين وستمائة،