للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملك بعده ولده غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو، كسره التتر سنة إحدى وأربعين وستمائة، وتضعضع حينئذ ملك السلاطين السلجوقية ببلاد الروم، ثم مات غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطلومش بن أرسلان بن سلجوق، وانقضى بموت كيخسرو المذكور سلاطين بلاد الروم في الحقيقة لأن من صار بعده لم يكن له من السلطنة غير مجرد الاسم، وخلف كيخسرو المذكور صبيين هما: ركن الدين، وعز الدين. فملكا معاً مدة مديدة، ثم انفرد ركن الدين بالسلطنة وهرب أخوه عز الدين إلى قسطنطينية، وتغلب على ركن الدين، معين الدين البرواناه، والبلاد في الحقيقة للتتر، ثم إن البرواناه قتل ركن الدين، وأقام ابناً لركن الدين يخطب له بالسلطنة والحكم للبرواناه، وهو نائب التتر على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

ذكر غير ذلك من الحوادث في هذه السنة غزا شهاب الدين الغوري الهند فغنم وقتل ما لا يحصى وفيها خرج السلطان طغريل بن أرسلان بن طغريل من الحبس، بعد قتل قزل أرسلان بن الدكز، وكان قزل قد اعتقله حسبما تقدم ذكره في سنة سبع وثمانين وخمسمائة.

وفيها توفي راشد الدين سنان بن سليمان بن محمد، وكنيته أبو الحسن، صاحب دعوة الإسماعيلية بقلاع الشام، وأصله من البصرة.

ثم دخلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

ذكر وفاة السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبي المظفر يوسف بن أيوب بن شادي، وشيء عن أخباره دخلت هذه السنة والسلطان بدمشق، على أكمل ما يكون من المسرة، وخرج إلى شرقي دمشق متصيداً، وغاب خمسة عشر يوماً، وصحبة أخوه الملك العادل. ثم عاد إلى دمشق وودعه أخوه الملك العادل وداعاً لا لقاء بعده، فمضى إلى الكرك وأقام فيه حتى بلغه وفاة السلطان، وأقام السلطان بدمشق، وركب في يوم الجمعة خامس عشر صفر وتلقى الحجاج، وكان عادته ألا يركب إلا وهو لابس كزاغند، فركب ذلك اليوم، وقد اجتمع بسبب ملتقى الحجاج وركوبه عالم عظيم، ولم يلبس الكزاغند، ثم ذكره وهو راكب، فطلب الكزاغند فلم يجده، وقد حملوه معه، ولما التقى الحجاج استعبرت عيناه كيف فاته الحج، ووصل إليه مع الحجاج ولد أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن. ثم عاد السلطان بين البساتين إلى جهة المنيبع، ودخل إلى القلعة على الجسر إليها، وكانت هذه آخر ركباته، فلحقه ليلة السبت سادس عشر صفر كسل عظيم، وغشيه نصف الليل حمى صفراوية، وأخذ المرض في التزايد، وقصده

<<  <  ج: ص:  >  >>