للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في سنة أربع وستمائة إن شاء الله تعالى.

ثم دخلت سنة خمس وتسعين وخمسمائة.

ذكر وفاة العزيز صاحب مصر

في هذه السنة في منتصف ليلة السابع والعشرين من المحرم، توفي الملك العزيز عماد الدين عثمان ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكان قد طلع إلى الصيد، فركض خلف ذئب، فتقنطر وحم، سابع المحرم، في جهة الفيوم، فعاد إلى الأهرام وقد اشتدت حماه، ثم توجه إلى القاهرة فدخلها يوم عاشوراء، وحدث به يرقان وقرحة في المعا، واحتبس طبعه، فمات في التاريخ المذكور. وكانت مدة مملكته ست سنين إلا شهراً، وكان عمره سبعاً وعشرين سنة وأشهراً، وكان في غاية السماحة والكرم والعدل، والرفق بالرعية، والإحسان إليهم. ففجعت الرعية بموته فجعة عظيمة، وكان الغالب على دولة الملك العزيز، فخر الدين جهاركس، فأقام في الملك ولد الملك العزيز، الملك المنصور محمد، واتفقت الأمراء على إحضار أحد من بني أيوب ليقوم بالملك، وعملوا مشورة بحضور القاضي الفاضل، فأشار بالملك الأفضل، وهو حينئذ بصرخد، فأرسلوا إليه فسار محثاً، ووصل إلى مصر على أنه أتابك الملك المنصور بن الملك العزيز، وكان عمر الملك لمنصور حينئذ تسع سنين وشهوراً، وكان مسير الملك الأفضل من صرخد لليلتين بقيتا من صفر، في تسعة عشر نفراً، متنكراً، خوفاً من أصحاب عمه الملك العادل، فإن غالب تلك البلاد كانت له، فوصل بلبيس خامس ربيع الأول. ثم سار الملك الأفضل إلى القاهرة، فخرج الملك المنصور بن العزيز للقائه، فترجل له عمه الملك الأفضل ودخل بين يديه إلى دار الوزارة، وهي كانت مقر السلطنة، ولما وصل الملك ة فضل إلى بلبيس، التقاه العسكر، فتنكر منه فخر الدين جهاركس وفارقه، وتبعه عدة من العسكر، وساروا إلى الشام وكاتبوا الملك العادل، وهو محاصر ماردين، أرسل الملك الظاهر إلى أخيه الملك الأفضل يشير عليه بقصد دمشق وأخذها من عمه الملك العادل، وأن ينتهز الفرصة لاشتغال العادل بحصار ماردين، فبرز الملك الأفضل من مصر وسار إلى دمشق، وبلغ الملك العادل مسيره إلى دمشق، فترك على حصار ماردين ولده الملك الكامل، وسار العادل وسبق الأفضل ودخل دمشق قبل نزول الأفضل عليها بيومين، ونزل الملك الأفضل على دمشق ثالث عشر شعبان من هذه السنة، وزحف من الغد على البلد، وجرى بينهم قتال، وهجم بعض عسكره مدينة، حتى وصل إلى باب البريد، ولم يمدهم العسكر، فتكاثر أصحاب الملك العادل وأخرجوهم من البلد، ثم تخاذل العسكر فتأخر الأفضل إلى ذيل عقبة الكسوة، ثم وصل إلى الملك الأفضل أخوه الظاهر صاحب حلب، فعاد إلى مضايقة دمشق، ودام الحصار عليها، وقلت الأقوات عند الملك العادل، وعلى أهل البلد، وأشرف الأفضل والظاهر على

<<  <  ج: ص:  >  >>