ملك دمشق، وعزم العادل على تسليم البلد لولا ما حصل بين الأخوين، الأفضل والظاهر، من الخلف، وخرجت السنة وهم على ذلك، وكان منهم ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر استيلاء الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين صاحب حماة على بارين وفي شهر رمضان من هذه السنة، قصد الملك المنصور صاحب حماة بارين، وبها نواب عز الدين إبراهيم بن شمس الدين محمد بن عبد الملك بن المقدم، وحاصرها، وكان عز الدين إبراهيم مع الملك العادل، محصوراً معه بدمشق، ونصب الملك المنصور عليها المجانيق، وانجرح الملك المنصور حال الزحف، ثم فتحها في التاسع والعشرين من ذي القعدة، وأقام ببارين مدة حتى أصلح أمورها.
ذكر وفاة يعقوب ملك الغرب في ربيع الآخر، وقيل في جمادى الأولى، توفي أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، صاحب المغرب والأندلس، بمدينة سلا، وكانت ولايته خمس عشرة سنة، وكان يتظاهر بمذهب الظاهرية، وأعرض عن مذهب مالك وعمره ثمان وأربعون سنة، وتلقب يعقوب المذكور بالمنصور، ولما مات يعقوب ملك بعده ابنه محمد بن يعقوب، وتلقب محمد بالناصر، ومولد محمد المذكور سنة ست وسبعين وخمسمائة، وعبد المؤمن وبنوه جميعهم كانوا يسمون بأمير المؤمنين، وفي هذه السنة رحل عسكر الملك العادل مع ابنه الملك الكامل عن حصار ماردين.
ذكر الفتنة بفيروزكوه
في هذه السنة كانت فتنة عظيمة في عسكر غياث الدين ملك الغورية، وهو بفيروزكوه، وسببها أن الإمام فخر الدين محمد بن عمر بن حسين الرازي، الإمام المشهور، كان قد قدم إلى غياث الدين وبالغ في إكرامه واحترامه، وبنى له مدرسة بهراة بالقرب من الجامع، فعظم ذلك على الكرامية، وهم كثيرون بهراة، ومذهبهم التجسيم والتشبيه، وكان الغورية كلهم كرامية، فكرهوا فخر الدين لأنه شافعي، وهو يناقض مذهبهم، فاتفق أن فقهاء الكرامية والحنفية والشافعية حضروا بفيروزكوه عند غياث الدين للمناظرة، وحضر فخر الدين الرازي، والقاضي عبد المجيد بن عمر، المعروف بابن القدوة، وهو من الكرامية الهيصمية، وله عندهم محل كبير لتزهده وعلمه، فتكلم الرازي، فاعترض عليه ابن القدوة وطال الكلام، فقام غياث الدين، فاستطال فخر الدين الرازي على ابن القدوة وشتمه، وبالغ في أذاه، وابن القدوة لا يزيده على أن يقول: لا يفعل يا مولانا إلا وأخذ الله، فصعب